فمن جمع هذه الصفات فهو أهل للإمامة والزعامة الكبرى (١).
وأمّا العصمة فقد شرطها الشيعة الإمامية والإسماعيلية ، واستدلّ عليها هذا الرجل بأنّ الحاجة إلى الإمام بالأمور المذكورة ، ولو جازت المعصية عليه وصدرت عنه ، انتفت هذه الفوائد.
ونقول : ماذا يريد من العصمة؟! إن أراد وجوب الاجتناب في جميع أحواله عن الصغائر والكبائر ، فلا نسلّم لزوم ذلك ؛ لأنّ صدور بعض الصغائر المعفوّ عنها لاجتنابه عن الكبائر لا يوجب أن لا يكون منتصفا من الظالم للمظلوم وباقي الأمور المذكورة.
وإن أراد وجود ملكة مانعة من الفجور ، فنحن أيضا نقول بهذه العصمة ووجوبها للإمام ؛ لأنّا شرطنا أن يكون عدلا ، والعدل من له ملكة العصمة المانعة من الفجور ..
وصدور بعض الصغائر عنه في بعض الأوقات لا يبطل ملكة العصمة ؛ لأنّ الملكة كيفية راسخة في النفس ، متى يراد صدور الفعل عنهصدر بلا مشقّة ورويّة وكلفة ، وصدور خلاف مقتضى الملكة لا ينفي وجود الملكة لعوارض لا يخلو الإنسان عنها ، كصاحب الملكة الخلقيّة من العفّة والشجاعة قد يعرض له ما يعرّضه إلى إصدار خلاف الملكة ومع ذلك لا تزول عنه الملكة.
فالعصمة بمعنى الملكة حاصلة للمجتنب عن الكبائر المصرّ في تركها وإن صدر عنه نادرا بعض الصغائر ، فاندفع الإشكال ، ولم يلزم التسلسل ، كما ذكره.
__________________
(١) انظر : تمهيد الأوائل : ٤٧١ ، أصول الإيمان ـ للبغدادي ـ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، الإرشاد ـ للجويني ـ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، المواقف : ٣٩٨ ، شرح المواقف ٨ / ٣٤٩.