ولا يعلم بهذا العالم إلّا الله تعالى ، فلا بدّ من نصبه له ، ولا يغني الاجتهاد عن العلم الواقعي ؛ لوقوع الخطأ فيه.
وكذلك هم محتاجون إلى عالم بكلّ حجّة ودليل يثبت به الإسلام ليحتجّ به على كلّ بحسب فهمه وحاله.
ولو احتاج الثبوت إلى معجزة لزم أن يكون الإمام محلّا لإظهار الله لها على يده ، وإلّا لا نقطعت حجج الله وبيّناته ، لعدم كفاية معجزات النبيّ في الحجّيّة بالنسبة إلى أكثر الناس المتأخّرين ؛ لجهلهم بها أو بإعجازها.
فيجب على الله تعالى نصب الإمام ، العالم ببيّناته ، القادر على إثبات دينه ولو بالمعجزة ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « اللهمّ بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لك بحجّة ، إمّا ظاهرا مشهورا ، أو خائفا مغمورا ، لئلّا تبطل حججك وبيّناتك » (١)
فلولا نصب هذا الإمام لكان لأكثر الكافرين والضالّين الحجّة على الله تعالى ؛ إذ يصحّ عذرهم بالجهل والغفلة الآتية بسبب عدم نصب الحجّة عليهم ، فيقولون : ( إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ) (٢).
ولا يضرّ في حجّيّته استتاره ؛ لأنّه بسببهم ، حيث أخافوه ، ففوّتوا الخير عن أنفسهم كمن يخيفون الأنبياء ويشرّدونهم ، فلا تبطل حجج الله بذلك.
وأمّا قوله سبحانه : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ
__________________
(١) الغارات : ٩١ ، الفصول المختارة : ٣٢٥ ، غرر الحكم ودرر الكلم ـ للآمدي ـ ٢ / ٣٦٢ رقم ٣٨٤.
(٢) سورة الأعراف ٧ : ١٧٢.