ولينصف المنصف من نفسه ، لو كان يوم غدير خمّ صرّح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بخلافة عليّ نصّا جليّا لا يحتمل خلاف المقصود ، ألا ترى العرب مع جلافتهم وكفرهم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجعلهم الأنبياء فيهم مثل مسيلمة الكذّاب (١) ، وسجاح (٢) ، وطليحة (٣) ، كانوا يسكتون على خلافة أبي بكر ، وكانوا لا يتكلّمون بنباس (٤) في أمر خلافة عليّ ، مع أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نصّ على المنبر بمحضر جميع قبائل العرب؟!
إن أنصف المتأمّل العاقل ، علم أن لا نصّ هناك!
* * *
__________________
(١) هو : مسيلمة بن حبيب من بني تميم ، متنبّئ ، وقد وضع عن قومه الصلاة ، وأحلّ لهم الخمر والزنا ، وجعل يسجع لهم السجعات مضاهاة للقرآن ، كان من المعمّرين ، ولد باليمامة قبل ولادة والد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، تلقّب بالجاهلية بالرحمن ، وعرف برحمن اليمامة ، قالوا في وصفه : كان رويجلا ، أصيغر ، أخينس ، كان اسمه مسلمة ، وسمّاه المسلمون مسيلمة تصغيرا له ، قتل في غزوة اليمامة عام ١٢ ه وكان عمره آنذاك ١٥٠ سنة.
انظر : تاريخ الطبري ٢ / ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ : ٨٩ ، شذرات الذهب ١ / ٢٣.
(٢) تقدّمت ترجمتها في ج ١ / ١٤٢ ه ١ من هذا الكتاب.
(٣) هو : طليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر الأسدي ، كان ممّن شهد الخندق مع الأحزاب ، وأسلم سنة ٩ ه ، ثمّ ارتدّ وأدّعى النبوّة في عهد أبي بكر ، ثمّ كانت له وقائع كثيرة مع المسلمين ، ثمّ خذله الله وهرب حتّى لحق بأعمال دمشق ، ونزل على آل جفنّة ، ثمّ أسلم وقدم مكّة معتمرا ، ثمّ خرج إلى الشام مجاهدا ، وشهد اليرموك ، وشهد بعض حروب الفرس ، وقتل بنهاوند سنة ٢١ ه.
انظر : الاستيعاب ٢ / ٧٧٣ رقم ٧٧٣ ، أسد الغابة ٢ / ٤٧٧ رقم ٢٦٣٩ ، تاريخ دمشق ٢٥ / ١٤٩ ـ ١٧٢ رقم ٢٩٩٢.
(٤) النّبس : هو أقلّ الكلام ، وما نبس : أي ما تحرّكت شفتاه بشيء ، وما نبس بكلمة : أي ما تكلّم ؛ انظر : لسان العرب ١٤ / ٢٠ مادّة « نبس ».