ونقل أيضا نحو ما ذكره هنا عن الثعلبي (١).
وقال الرازي في أحد وجوه نزولها : « ولمّا نزلت أخذ بيده وقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.
فلقيه عمر فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب! أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
وهو قول ابن عبّاس ، والبراء بن عازب ، ومحمّد بن علي ».
ثمّ قال : « وأعلم أنّ هذه الروايات وإن كثرت ، إلّا أنّ الأولى حمله على أنه آمنه من مكر اليهود والنصارى ، وأمره بإظهار التبليغ من غير مبالاة منه بهم ؛ وذلك لأنّ ما قبل هذه الآية [ بكثير ] وما بعدها بكثير ، لمّا كان كلاما مع اليهود والنصارى ، امتنع إلقاء هذه الآية الواحدة في البين على وجه تكون أجنبيّة عمّا قبلها وما بعدها » (٢).
وفيه : مع أنّه هذا اجتهاد في مقابلة النصّ ، وهو غير مقبول : إنّ سورة المائدة آخر سورة نزلت من القرآن ، كما رواه الحاكم في « المستدرك » (٣) ، ورواه غيره أيضا (٤) ، وكان نزولها بحجّة الوداع.
ومن المعلوم أنّه حينئذ لم تكن لليهود والنصارى شوكة يخشى منها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبلّغ ما أنزل إليه ، فالمناسب أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خاف منافقي قومه.
__________________
(١) منهاج الكرامة : ١١٧ ، وانظر : تفسير الثعلبي ٤ / ٩٢.
(٢) تفسير الفخر الرازي ١٢ / ٥٣.
(٣) المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٤٠ ح ٣٢١٠ و ٣٢١١.
(٤) سنن الترمذي ٥ / ٢٤٣ ح ٣٠٦٣ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٦ / ٣٣٣ ح ١١١٣٨ ، مسند أحمد ٦ / ١٨٨ ، تفسير النسائي ١ / ٤٢٧ ح ١٥٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ١٧٢ ، تفسير القرطبي ٦ / ٢٢ ـ ٢٣ ، الدرّ المنثور ٣ / ٣.