وقال ابن أبي الحديد (١) : « وقال قوم من الخوارج : يجوز أن يبعث الله تعالى من كان كافرا قبل الرسالة ، وهو قول ابن فورك من الأشاعرة ، لكنّه زعم أنّ هذا الجائز لم يقع.
وقال قوم من الحشوية : قد كان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كافرا قبل البعثة ، واحتجّوا بقوله تعالى : ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ) (٢).
وقال برغوث المتكلّم ـ وهو أحد النجّارية (٣) ـ : لم يكن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مؤمنا بالله تعالى قبل أن يبعثه ؛ لأنّه تعالى قال له : ( ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ) (٤).
وروي عن السدّي في قوله تعالى : ( وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ) (٥) ، قال وزره : الشرك ، فإنّه كان على دين قومه أربعين سنة.
وقال بعض الكرّامية في قوله تعالى حكاية عن إبراهيم : ( قالَ
__________________
(١) شرح النهج ج ٢ ص ١٦٢. منه قدسسره.
(٢) سورة الضحى ٩٣ : ٧.
(٣) النجّاريّة : جماعة بالريّ ينتسبون إلى الحسين بن محمّد بن عبد الله البغدادي الرازي ، المعروف بالنجّار ، من متكلّمي المجبّرة ، ومن أهل المناظرة.
كان حائكا في طراز العبّاس بن محمّد الهاشمي ، من جلّة المجبّرة ومتكلّميهم ، وقد قيل : إنّه كان يعمل الموازين من أهل قم ، وقيل : إنّ سبب وفاته أنّه حدثت مناظرة بينه وبين إبراهيم النظّام حول « خلق الله » فرفسه إبراهيم وقال له : قم أخزى الله من ينسبك إلى شيء من العلم والفهم ، وانصرف محموما ، وكان ذلك سبب علّته التي مات فيها ، وتوفّي في حدود سنة ٢٢٠ ه ، له تصانيف.
انظر : الفهرست ـ للنديم ـ : ٣١٣ ، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ ١ / ٧٥ ، الأنساب ـ للسمعاني ـ ٥ / ٤٦٠ ، هديّة العارفين ٥ / ٣٠٣.
(٤) سورة الشورى ٤٢ : ٥٢.
(٥) سورة الشرح ٩٤ : ٢ و ٣.