فيا عجبا قد عرف ذلك لهم النصارى وأنكره من يدّعي الإسلام ، كالفضل وأمثاله! حتّى جعلوا جمعهم من العاديّات ، لا لكرامتهم وفضلهم عند الله تعالى وعزّتهم على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وما اكتفى الفضل بمشاركة سائر أقارب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونسائه لهم حتّى أضاف إليهم أصحابه ، فقال : « لتشمل البهلة سائر أصحابهم » ، وهو ضروري البطلان ؛ لأنّ شمولها لهم إن كان باعتبار التبعيّة ، فلا حاجة إلى إحضار الأربعة الأطيبين ؛ لأنّ الكلّ أتباعه ..
وإن كان لأجل المباشرة ، فالأصحاب كبقيّة الأقارب غير مباشرين.
ولو شملت البهلة غير الأربعة لأحضر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من غيرهم ، ولو واحدا من أفاضل الأقارب والأصحاب!
فلا بدّ أن يكون تخصيص الله والرسول للأربعة الطاهرين ؛ لعناية الله بهم ، وبيانه لفضلهم وكرامتهم عند النبيّ ، وعزّتهم عليه ، واستعانته بدعائهم ، كما قال سبحانه : ( ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) .. وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا دعوت فأمّنوا » ، كما رواه الزمخشري والرازي والبيضاوي وغيرهم (١) ..
إذ كلّما كثر محلّ العناية ومنجع (٢) الاستجابة ، كان أدخل بالإجابة ؛ لأنّ الاستكثار منهم أظهر في إعظام الله والرغبة إليه ، ولذا يستحبّ في الأدعية كثرة تعظيم الله بأسمائه المقدّسة ، وشدّة إظهار الخضوع لجلاله.
__________________
(١) الكشّاف ١ / ٤٣٤ ، تفسير الفخر الرازي ٨ / ٩٠ ، تفسير البيضاوي ١ / ١٦٣ ، وانظر : دلائل النبوّة ـ لأبي نعيم ـ ٢ / ٣٥٥ ح ٢٤٥ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٣٢.
(٢) المنجع ـ والجمع : مناجع ـ : محالّ ومواضع حصول التأثير والنفع والفائدة ؛ انظر مادّة « نجع » في : لسان العرب ١٤ / ٥٥ ، تاج العروس ١١ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠.