ويستفاد من الرازي في تفسير الآية تسليم دلالتها على أفضليّته من الصحابة ؛ لأنّه نقل عن الشيخ محمود بن الحسن الحمصي (١) أنّه استدلّ بجعل عليّ عليهالسلام نفس النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على كونه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنّ النبيّ أفضل منهم وعليّ نفسه.
ونقل عن الشيعة قديما وحديثا الاستدلال بذلك على فضل عليّ على جميع الصحابة.
وما أجاب الرازي إلّا عن الأوّل ، بدعوى الإجماع على أنّ الأنبياء أفضل من غيرهم قبل ظهور الشيخ محمود (٢).
وفيه : إنّ الإجماع إنّما هو على فضل صنف الأنبياء على غيره من الأصناف ، وفضل كلّ نبيّ على جميع أمّته ، لا فضل كلّ شخص من الأنبياء على كلّ من عداهم حتّى لو كان من أمم غيرهم.
فذلك نظير تفضيل صنف الرجال على صنف النساء ، حيث إنّه لم يناف فضل بعض النساء على كثير من الرجال.
ولم يختصّ تفضيل أمير المؤمنين على من عدا محمّد من الأنبياء
__________________
(١) هو : تاج الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي الرازي ، المعروف بتاج الرازي أو سديد الدين ، فقيه أصولي ، ورع ثقة ، متكلّم ، من علماء الإمامية الأعلام ، له تصانيف كثيرة منها : التعليق الكبير ، التعليق الصغير ، المنقذ من التقليد والمرشد إلى التوحيد ، التبيين والتنقيح في التحسين والتقبيح ، بداية الهداية ، نقض الموجز ، وغيرها ؛ توفّي في أوائل المئة السابعة.
انظر : فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم : ١٦٤ رقم ٣٨٩ ، رياض العلماء ٥ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، هديّة العارفين ٦ / ٤٠٨ ، طبقات أعلام الشيعة / الثقات العيون في سادس القرون : ٢٧٧ ، معجم المؤلّفين ٣ / ٨٢٠ رقم ١٦٦٥٤.
(٢) تفسير الفخر الرازي ٨ / ٩١.