تجويز نبوّة من كان كافرا ، بل وقوعها ، فإنّه لمّا أنكر كون عدم السجود للصنم موجبا للفضل على من كان كافرا ثمّ تاب ، استدلّ عليه بأنّ لوطا آمن لإبراهيم ثمّ بعثه الله نبيّا ، وأنّ شعيبا قال : ( قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها ) (١) ، وأنّ الله سبحانه قال : ( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا ) (٢).
وإذا كان هؤلاء أنبياء ، فمن المعلوم أنّ الأنبياء أفضل من غيرهم ، فلا يكون عدم السجود للأصنام موجبا للأفضليّة (٣).
وفيه : إنّ إيمان لوط لإبراهيم لا يستدعي سبق الكفر منه ـ وحاشاه ـ ؛ لاحتمال ولادته بعد نبوّة إبراهيم ، أو أنّه كان متديّنا بشريعة سابقة ، وآمن به في أوّل نبوّته.
وأمّا إطلاق العود في الآيتين الأخيرتين ، فمن باب التغليب بلحاظ أتباعهم.
ثمّ إنّ مقتضى استدلال ابن تيميّة بالآية الأخيرة ؛ كون الرسل كلّهم أو أكثرهم ـ بزعمه ـ كانوا كفّارا ، وهو خلاف ضرورة الإسلام والمسلمين!
وما الداعي له إلى هذا الضلال إلّا إنكار فضل أمير المؤمنين على أقوام أفنوا أكثر أعمارهم في الكفر ، ولمزيد نصبه أنكر عدم سجود أخ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للأصنام قبل إسلامه (٤) ، خلافا لإجماع المسلمين! حتّى إنّ
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ٨٩.
(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ١٣.
(٣) انظر : منهاج السنّة ٧ / ١٣٣ ـ ١٣٥.
(٤) انظر : منهاج السنّة ٧ / ١٣٤.