منها : ما اختاره صاحب « المواقف » ، وهو أنّ فعل موسى بأخيه لم يكن على سبيل الإيذاء ، بل أراد أن يدنيه لنفسه ليتفحّص منه عن حقيقة الحال ، فخاف هارون أن يعتقد بنو إسرائيل خلافه (١) ، فقال : ( تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ... ) (٢) .. الآية.
وهذا الحمل منقول عن السيّد المرتضى (٣) وأنّ الرازي استحسنه (٤).
ومنها : إنّ موسى لمّا رأى جزع أخيه واضطرابه من قومه أخذه ليسكّن من قلقه(٥).
ومنها : إنّ موسى لمّا غلب عليه الهمّ [ واستيلاء الفكر ] أخذ برأس أخيه لا على طريق الإيذاء ، بل كما يفعل الإنسان بنفسه من عضّ يده وشفته وقبض لحيته ، إلّا أنّه نزّل أخاه منزلة نفسه ، لأنّه شريكه في ما يناله من خير أو شرّ (٦).
ثمّ قال الشارح : « قال الآمدي : لا يخفى بعد هذه التأويلات وخروجها عن مذاق العقل » (٧).
ولم يذكر الشارح لنفسه شيئا وكأنّه على مذاق الآمدي ، وهو في محلّه لبعد هذه الوجوه جدّا ، مع أنّها لا ترفع إشكال إلقاء الألواح ..
__________________
(١) المواقف : ٣٦٣ ، وانظر : شرح المواقف ٨ / ٢٧٢.
(٢) سورة طه ٢٠ : ٩٤.
(٣) تنزيه الأنبياء : ١١٧.
(٤) تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٩ ، الأربعين في أصول الدين ٢ / ١٤٦ ، عصمة الأنبياء : ٨٤.
(٥) شرح المواقف ٨ / ٢٧٢ ، وانظر : تنزيه الأنبياء ـ للمرتضى ـ : ١١٧.
(٦) شرح المواقف ٨ / ٢٧٢ ، وانظر : تنزيه الأنبياء ـ للمرتضى ـ : ١١٦.
(٧) شرح المواقف ٨ / ٢٧٢.