ملكهم (١) ، «وصار الرسم جاريا أن يخرب الجند إقطاعاتهم ثم يردوها ويعتاضوا عنها من حيث يختارون» (٢) ، فأدى ذلك إلى خراب مساحات واسعة من الأراضي ، وأهملت مشاريع الري (٣) ، فساءت أحوال الزراع والفلاحين. وقد وصف مسكويه حالتهم هذه بقوله (٤) ، «وأتت الجوائح على التنّاء ورقت أحوالهم فمن بين هارب جال وبين مظلوم صابر لا ينصف وبين مستريح إلى تسليم ضيعته إلى المقطع ليأمن شره ويوافقه» فأدى ذلك إلى زيادة قوة الإقطاعيين وإلى تقلص الملكيات الصغيرة وتلاشي ملكية الفلاحين (٥).
أما الأراضي التي لم يشملها الإقطاع فإنها أعطيت بالضمان ، «واقتصر في محاسبة الضمناء على ذكر أصول العقد ، وما صح منه وبقي من غير تفتيش عما عوملت به الرعية ، وأجريت عليه أحوالها من جور أو نصفة من غير إشراف على احتراس من الخراب أو خراب يعاد إلى العمارة ، وجبايات تحدث على غير رسم ومصادرات ترفع على محض الظلم وإضافات إلى الارتفاع ليست بعبرة وحسبانات في النفقات لا حقيقة لشيء منها» (٦).
أما الأراضي التي كانت ملكا خاصا فإنها لم تسلم من هذا الوضع إذ أدى التجاوز والتعسف في الجباية إلى انتشار نظام الإلجاء تخلصا من الظلم (٧). كما ترك الكثير من الزرّاع والفلاحين الزراعة (٨) فتحولت ملكية
__________________
(١) انظر : الأتراك والديلم في هذا الفصل.
(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٩٧.
(٣) ن. م ، ٩٧.
(٤) ن. م ، ٩٧.
(٥) الدوري ، مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي ، ٨٩.
(٦) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٩٩.
(٧) الدوري ، مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي ، ٨٨.
(٨) انظر : التنوخي ، الفرج بعد الشدة ، ١ / ٥٧. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٩٧ ، ٢٦٠.