يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ). فالجملة الثانية هنا وهي (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) بدل بعض من كل من الأولى لأن تذبيح الأبناء بعض ما يسومونهم ويحمّلونهم إياه من سوء العذاب.
فالجملة الثانية في كل مثال من الأمثلة السابقة مفصولة عن الجملة الأولى ، ولا سبب لهذا الفصل سوى ما بينهما من تمام التآلف وكمال الاتحاد. ومن أجل ذلك يقال إن بين الجملتين «كمال الاتصال».
* * *
٢ ـ والموضع الثاني من المواضع التي يجب فيها الفصل بين الجمل هو : أن يكون بين الجملتين «تباين تام» ، وذلك بأن تختلفا خبرا وإنشاء ، أو بألا تكون بينهما مناسبة ما ، ويقال حينئذ إن بين الجملتين «كمال الانقطاع».
أ ـ فمن الأمثلة التي يجب فيها الفصل بين الجملتين لاختلافهما خبرا وإنشاء قول الشاعر :
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله |
|
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا |
فبين الجملة الثانية والأولى في هذا البيت تمام التباين وغاية الابتعاد ، لاختلافهما خبرا وإنشاء ، وذلك لأن الجملة الأولى إنشائية والثانية خبرية ، ومن أجل ذلك تعين الفصل بينهما.
ومن أمثلة هذا النوع أيضا قول الشاعر :
لست مستمطرا لقبرك غيثا |
|
كيف يظمأ وقد تضمن بحرا؟ |
فالجملة الأولى هنا خبرية والثانية إنشائية ، فبينهما تمام التباين ومنتهى الابتعاد ، ولهذا تعين الفصل بينهما لاختلافهما خبرا وإنشاء.
ب ـ ومن الأمثلة التي يجب فيها الفصل بين الجملتين لعدم وجود مناسبة بينهما قول القائل : «كفى بالشيب داء صلاح الإنسان حفظ الوداد» فبين الجملتين كما ترى تباين تام ، إذ لا مناسبة بينهما في المعنى.