على ما ذكرنا ، قرأ أكثر القرّاء : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)(١) ووجهه
__________________
(١) الآية : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ.) هود ١١ : ١١١ وفي تفسير القرطبي أنه «اختلف القراء في قراءة (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا) ،) فقراء أهل الحرمين ـ نافع وابن كثير ، وأبو بكر معهم ـ (وَإِنَّ كُلًّا) بالتخفيف على أنها (إِنَّ) المخففة من الثقيلة معملة ، وقد ذكر هذا الخليل وسيبويه ... والبصريون يجوّزون تخفيف (إِنَّ) المشدّدة مع إعمالها ، وأنكر ذلك الكسائي ، وقال : ما أدري على أي شيء قرئ (وَإِنَّ كُلًّا).) وزعم الفراء أنه نصب (كُلًّا) في قراءة من خفف بقوله (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) أي : وإن ليوفينهم كلا. وأنكر ذلك جميع النحويين ...
وشدّد الباقون (إِنَّ) ونصبوا بها (كُلًّا) على أصلها. وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر (لما) بالتشديد ، وخففها الباقون على معنى : وإن كلا ليوفينهم ؛ جعلوا (ما) صلة. وقيل : دخلت لتفصل بين اللامين اللتين تتلقيان القسم ، وكلاهما مفتوح ففصل بينهما بما. وقال الزجاج : لام (لما) لام (إن) و (ما) زائدة مؤكدة ... واللام في (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) هي التي يتلقى بها القسم ، وتدخل على الفعل ، ويلزمها النون المشدّدة أو المخففة ، ولما اجتمعت اللامان فصل بينهما بما ، و (ما) زائدة مؤكدة. وقال الفراء :
(ما) بمعنى (من) كقوله : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) أي : وإن كلا لمن ليوفينهم ، واللام في (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) للقسم. وهذا يرجع معناه إلى قول الزجاج ، غير أن (ما) عند الزجاج زائدة ، وعند الفراء اسم بمعنى (من) .. وقرأ (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا) بالتشديد فيهما ـ وهو حمزة ومن وافقه ـ فقيل إنه لحن.» واستشكل ذلك الكسائي والفارسي ... وانظر الجامع لأحكام القرآن ٩ : ١٠٤ ـ ١٠٦ وسيبويه ١ : ٤٥٦ والمغني ١ : ٢٠ و ٣٦ و ٣١٢ و ٢ : ٤٥٣. وملخص ذلك ما ذكره ابن هشام في شرح الشذور إذ قال : إذا خففت نون إن المكسورة ، جاز الإهمال والإعمال ، والأكثر الإهمال نحو : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) فيمن خفّف ميم (لما). وأما من شدّدها فإن نافية ، ولمّا بمعنى