تضمَّنهُ مدخولٌ ، حتَّى وعَلى هذَا فقوله : «وَكَانَ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ» مع زِيَارتهم حتَّى يكونُ الثَّواب لِمجموعِ الأمرَين ويحصلُ التَّطابقُ بين الصَّدرِ والذَّيل ، ويدَلُّ عليهِ أَيضاً قولهُ فِيما بعد «وَكُتِبَ لَكَ ثَوَابُ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ» فَذكَر أوَّلاً مُصِيبَتَهُم ، وثانياً زيارَتهُم ، والمقصودُ فِي الموضِعينِ مجموعُ الأَمرَين مَعاً ، لكنَّهُ أكتَفى بِذكرِ أحَدهمَا في أحدِ المَوضِعينِ عن ذِكره في المَوضعِ الآخرِ تَعويلاً على ظهُورِ مجموعِ الكَلامِ صدْراً وذَيلاً في ذَلك ، فَجعلَ المّذكور قَرِينةٌ على المحذُوف فالتَئمَ بِما ذَكرنَا أجزاءُ الكَلامِ صَدراً وذَيلاً والحَمدُ لله.
والحاصلُ : أنّ المُشبّه هو ثوابُ مجموعِ الأمرَين مِن زيارَتِهِ عليه السلام ومُصِيبَتِهِ ، والمُشبّهُ بِهِ أيضاً ثوابُ مجْموع الأمرينِ مِن مُصيبةِ «كُلِّ نَبِيٍّ وَرًسُولٍ وَوَصيٍّ» وَزيارَتِهِم ، وَقد ذَكَرَ المُشبَّهُ بِهِ في مَوضِعينِ ، اقْتَصرَ في أحدِهِمَا على أَحدِ شقِّيهِ ، وَفي الآخِرِ على الآخَرِ فتَدبّر.
فَإن قُلتَ : لا رَيبَ أنَّ القريبَ المُسافر إِليهِ عليه السلام مِن مكانٍ بَعيدٍ كَما هوَ الغَالِبُ في الزَّائرِ القَريب لهُ مَزّيةٌ وَفضلٌ وَرجحانٌ على البَعِيد ، وَكَمَا أَنَّ تَرْجيحَ المَرْجُوح عَلى الرَّاجِحَ قَبِيحٌ كَمَا ضّكرتَ فِي قَولِكَ لَا يَجوزُ أنْ يَكونَ البَعيدُ أَكْثر ثَوابَاً مِنَ القَريبِ ، كَذلِكَ التَّسُوية بَينَ الرَّاجحِ وَالمَرْجُوح أَيْضَاً قَبِيْحٌ ، غَايَةَ الْأَمرِ أَنَّ الْأَوَّل أَشدّ قُبْحاً وَأَوْضحُ فَسَاداً ، فَمَا وَجْهُ حُكْمه بِالتَّسويةِ بَنَهُما في قوله : «فَأَنَا ضَامِنٌ لهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ جَمِيعَ هّذَا الثَّوَابِ»؟!
قُلتُ : المَفرُوضُ في السّؤالِ هو البَعيدُ غير المَتَمكِّن مِن المَصيرِ إليهِ ، حَيث قَالَ