[شرح «عليكم مني جميعا سلام الله أبدا ...»]
قوله عليه السلام : * (عليكم مني جميعا سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار) *.
«عليكم» خبر مقدم ، و «سلام الله» مبتدأ مؤخر ، و «مني» ظرف لغو (١) متعلق بعامل مقدر خاص ، كالسؤال والالتماس والاستدعاء ، وهو حال للمبتدأ ولو باعتبار ضميره المستتر في الخبر.
و «جميعا» حال مؤكد لضمير الجمع ، قال (البيضاوي (٢)) (٣) في قوله تعالى (قلنا اهبطوا منها جميعا) [البقرة ٣٨] : (جميعا) : «حال في اللفظ ، تأكيد في المعنى ، كأنه قيل اهبطوا أنتم أجمعون ، ولذلك لا يستدعي اجتماعهم على الهبوط في زمان واحد كقولك جائوا جميعا».
والتقدير «عليكم مني جميعا سلام الله» سؤالا أو التماسا أو استدعاء مني كأنه قال أسئل الله أن يسلم عليكم جميعا ، وإنما أضاف السلام إلى الله ، وجعل نفسه سائلا ولم يضفه إلى نفسه فيقول : عليكم مني السلام ، تعظيما وتبجيلا للسلام والتحية لأجل تعظيم المسلم عليه ، لأن سلام الخالق وتحيته فوق سلام المخلوقين وتحيتهم ، وتحقيرا لسلام نفسه ، بدعوى أن سلامه وتحيته لا تليق بعلو مقامهم صلوات الله عليهم.
__________________
(١) الظرف اللغو : هو ما كان العامل فيه مذكورا نحو : «زيد حصل في الدار». (التعريفات ص ١٤٧).
(٢) ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي : ولد في البيضاء قرب شيراز ، أحد مفسري القرآن ، ولي قضاء شيراز مدة ، له تصانيف في مختلف العلوم أشهرها تفسيره أنوار التنزيل وأسرار التأويل ، ومنهاج الوصول إلى علم الأصول ، وطوالع الأنوار في التوحيد ، توفي في تبريز سنة ٦٨٥ ه ـ.
(٣) تفسير البيضاوي (١ / ٣٠٢).