[شرح «وَكَانَ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ»]
قولُهُ عليه السلام : (وَكَانَ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ) *
وعبارة المصباح : «كُلِّ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ» ، وليسَ هَذا الثَواب ثواباً آخر زائدٌ على ما ذَكَرَهُ سابِقاً ، وإلَّا كان اللَّازِم ذِكرهُ أوَّلاً في حقِّ القَريبِ الحاضِر ، ثُمَّ تَسْرِيَته البَعِيْدَ الغَائِب ، لَا تخْصِيصَهُ بِالبَعِيد ، إِذ لَا يَجُوز أن يكُون البَعيد الصَّاعد إلى سَطْحِ دَارِهِ أو البَارزِ إِلى الصَّحْراءِ كَمَا هُوَ المَفْرُوض فِي مَورِدِ هَذَا الثَّواب أكْثر ثَواباً مِنَ القَريبِ الحَاضرِ ، سِيّما مع مَصيره إِليه مِن البِلادِ النَّائِيةِ ، وتحمله لمِشاقِّ السَّفرِ بَدَناً وَمَالاً كما هو الغالِبُ في الزَّائرِ القَريبِ ، بَل هَذا الثَّواب إِجمالٌ لِما فصلَّه بِقولِهِ : «بِثَوَابِ أَلْفَيْ أَلْفِ حَجَّةٍ» فهو هو بعينه ، وفائدةُ ذِكرهُ التنبيه على أنَّ مُصيبَتَهُ عليه السلام بِاعْتِبَارِ تَشَتَّت جِهاتها ، وتفرّق أَطرافِها ، وتكثّر وَقائِعهَا ، وَتضَاعف فَجائِعُهَا ، وَتَرادف لَوَاذِعُها (١) ، وَتَواتر فَظائعُهَا ، وَتتَابع شَدائِدها ، وَتزايد فَوادِحهَا (٢) ، لَا مِن نَوعٍ وَاحِدٍ وَلونٍ وَاحدٍ ، بَل أنواعٍ شَتَّى ، وَألوان مُخْتلِفة ، بِحيثُ خَرجت تَفَاصِيلهَا عَن حَدَّ الضَّبظِ وَالإِحصاءِ ، حيّز الحَصر وَالإستِقصاء ، وَحارَتْ فِيهَا العُقُولُ ، وضلَّت فيها الأَحلَامُ ، كَما لَا يَخْفى عَلى آحادِ الْأَنامِ ، قَد بَلغَت
__________________
(١) اللذع : حرقة النار (لسان العرب مادة (لذع)).
(٢) الفادح : الأمر الثقيل والفادحة : النازلة (لسان العرب مادة (فدح)).