فأين إلى أين النجاة ببغلتي |
أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس |
«فاللّاحقون» فاعل «أتاك» الأوّل ، و «أتاك» الثاني لمجرّد التّقوية فلا فاعل له ، ولو كان من التنازع لقال : «أتاك أتوك» على إعمال الأولى ، أو «أتوك أتاك» على إعمال الثاني.
٤ ـ يجوز إعمال أحد العاملين :
إذا تنازع العاملان جاز إعمال ما شئت منهما باتّفاق ، لكن اختار البصريّون الأخير لقربه ، واختار الكوفيّون الأول لسبقه.
٥ ـ صور العمل في التّنازع :
إذا أعملنا الأول في الظاهر المتنازع فيه أعملنا الثاني في ضميره مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا نحو «قام وقعدا أخواك» و «جاء وأكرمته محمّد» و «قام ونظرت إليهما أخواك» وأمّا قول عاتكة بنت عبد المطلّب :
بعكاظ يعشي النّاظري |
ن ـ إذا همو لمحوا ـ شعاعه |
فضرورة فقد أعمل الأول وهو يعشي ، فرفع به شعاعه ، وعملت «لمحوا» في ضميره وحذفه ، والتّقدير : «لمحوه» وإن أعملنا الثاني : فإن احتاج الأول لمرفوع أضمر ، وإن عاد الضمير على متأخّر لفظا ورتبة ، لامتناع حذف العمدة وهو الفاعل ، ولأنّ الإضمار قد يعود على لفظ متأخّر في غير هذا الباب نحو «ربّه رجلا (١) ونعم فتى».
وجاء الإضمار قبل الذكر في التنازع من كلام العرب نثر وشعر ، فالنّثر نحو قول بعض العرب «ضربوني وضربت قومك» بنصب «قومك» والشعر وكقوله :
جفوني ، ولم أجف الأخلاء إنني |
لغير جميل من خليليّ مهمل (٢) |
وإن أعملنا الثاني ، واحتاج الأوّل لمنصوب لفظا ، أو محلا (٣). وجب حذف المنصوب لأنّه فضلة ، وليس من ضرورة فيها أن يعود الضّمير على متأخّر لفظا ورتبة ، وأما قول الشاعر :
إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب |
جهارا فكن في الغيب أحفظ للود |
بإعمال الثاني وهو «يرضيك» وإضمار المفعول في الأوّل وهو : ترضيه ، فهذا ضرورة عند الجمهور ، ويستثنى من
__________________
(١) رجلا : تمييز ، ورتبة التمييز التأخير والضمير في ربّه ، عائد عليه وهو متأخر لفظا ورتبة ، ومثله «نعم فتى» فتى فاعل نعم يعود على «فتى» وفتى تمييز ، فعاد على متأخّر لفظا ورتبة.
(٢) فأنت ترى أنه أعمل الثاني فنصب الأخلاء وعمل الأول في الواو العائدة على الأخلاء و «الأخلاء» جمع خليل.
(٣) لفظا : ما يصل إليه العامل بنفسه ، ومحلا : هو ما يتصل إليه العامل بواسطة حرف جر.