إعمال الثاني وإضمار الفضلة في الأوّل صور ثلاث هي : إن أوقع حذف المنصوب في لبس ، أو كان العامل من باب «كان» أو من «ظنّ» وجب إضمار المعمول مؤخّرا ، في المسائل الثلاث : فالأول نحو : «استعنت واستعان عليّ محمّد به» (١) فلو حذف لفظ «به» لوقع اللبس.
والثاني : نحو «كنت وكان عليّ صديقا إيّاه» «فكنت» و «كان» تنازعا صديقا على الخبريّة لهما ، فأعملنا الثاني فيه ، وأعملنا الأول في ضميره مؤخرا.
والثالث : نحو «ظنّني وظننت خالدا قائما إياه» «فظنّني» يطلب «خالدا قائما». فاعلا ، ومفعولا ثانيا ، و «ظننت» يطلب مفعولين ، فأعملنا الثاني ، ونصبنا «خالدا قائما» وبقي الأوّل يحتاج إلى فاعل ، ومفعول ثان ، فأضمرنا الفاعل مقدما مستترا ، وأضمرنا المفعول الثاني مؤخّرا ، وقلنا «إيّاه» ولم يحذف المنصوب في المسألة الثانية والثّالثة لأنه عمدة في الأصل وأنّه خبر مبتدأ.
التّنوين :
١ ـ تعريفه :
هو نون تلحق الآخر لفظا لا خطّا لغير توكيد.
٢ ـ أنواعه :
التنوين الذي يصلح أن يكون علامة للاسم ، وينطبق عليه هذا التعريف أربعة أنواع (٢) :
(١) تنوين التمكين : وهو اللّاحق للأسماء المعربة «كخالد ، ورجل ، وفتى ، وقاض». دلالة على تمكّنها في باب الاسميّة ، فهي لا تشبه الحرف فتبنى ، ولا الفعل فتمنع من الصرف.
(٢) تنوين التنكير : وهو اللّاحق لبعض الأسماء المبنية المختومة بويه ، واسم الفعل ، واسم الصوت (٣) ، دلالة
__________________
(١) فـ «استعنت» يطلب «محمّدا» مجرورا بالباء ، والثاني يطلبه فاعلا : لأنه استوفى معموله المجرور بعلى فأعملنا الثاني وأضمرنا ضمير محمّد مجرورا بالباء مؤخرا وقلنا «به» فمعنى المثال في غير التنازع «استعان عليّ محمد واستعنت به» ، ولو أضمرناه مقدّما قبل استعان ، لقلنا «استعنت به واستعان عليّ محمّد» فيلزم عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، وهذا لا يتساهل فيه بالتنازع إلّا في الفاعل ولو حذفناه أوقع في اللبس فلا يعلم هل «محمّد» مستعان به أو عليه.
(٢) وهناك ستة أنواع أخرى من التنوين لا علاقة لها بعلامة الأسماء ذكرت في مطولات كتب النحو وقد جمع عشرة الأنواع من التنوين بعضهم في بيت واحد فقال :
مكّن وعوّض وقابل والمنكّر زد |
رخّم أو احك اضطّرر غال وما همزا. |
(انظر حاشية الخضري على ابن عقيل)
(٣) وهي في العلم المختوم بويه قياسي ، وفي اسم الفعل واسم الصوت ، سماعي ، فمما سمع منونا وغير منون «كصه ومه» جاز فيه الأمران ، وما سمع منونا فقط ك «واها» بمعنى أتعجّب فلا يجوز تركه ، وما سمع غير منوّن ك «نزال» فلا يجوز تنوينه.