ويقبح ـ كما يقول سيبويه ـ إن ابتدأت الاسم بعد حيث إذا كان بعده الفعل ، لو قلت : «اجلس حيث زيد جلس» كان أقبح من قولك : اجلس حيث يجلس وحيث جلس.
والرفع بعد «حيث» جائز لأنّك قد تبتدىء الأسماء بعده فتقول : اجلس حيث عبد الله جالس. وقد يخفض بالإضافة ، كقول زهير بن أبي سلمى :
فشدّ ولم يفزع بيوتا كثيرة |
لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم |
وقد يقع مفعولا به نحو : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(١). وناصبها : «يعلم» محذوفا مدلولا عليه بأعلم ، لا بأعلم المذكورة ، لأنّ أفعل التّفضيل لا ينصب المفعول به. ويلزم «حيث» الإضافة إلى جملة اسميّة كانت أو فعليّة ، وإضافتها للفعليّة أكثر ، فالاسميّة نحو : «قف حيث أبوك واقف» والفعليّة مثالها الآية المتقدّمة : (حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ).
وندرت إضافته إلى المفرد كقول الشّاعر :
ونطعنهم تحت الحيا بعد ضربهم |
ببيض المواضي حيث ليّ العمائم |
ويمكن أن يخرّج عليه قول الفقهاء «من حيث أنّ كذا» وإذا اتّصلت به «ما» الكافّة ضمّنت معنى الشّرط وجزمت الفعلين (انظر حيثما).
حيثما : لا يكون الجزاء في «حيث» بغير «ما» لأنّها ظرف يضاف إلى الأفعال والأسماء ، فإذا جئت ب «ما» منعت الإضافة ، وجزمت فعلين مثالها قول الشاعر :
حيثما تستقم يقدّر لك الله |
نجاحا في غابر الأزمان |
وهي في محلّ نصب على الظّرفيّة المكانيّة.
(انظر جوازم المضارع ٦).
حيص بيص : يقال «وقعوا في حيص بيص» أي في اختلاط وشدّة وحيرة لا محيص لهم عنه ، ومنه قول سعيد بن جبير «أثقلتم ظهره ، وجعلتم الأرض عليه حيص بيص» أي ضيّقتم عليه حتى لا مضرب له في الأرض ، وهو تركيب مزجيّ مبني على فتح جزأيه في محلّ جرّ بفي في المثل الأول ؛ وفي قول سعيد بن جبير في محلّ نصب على الحال ، وفيها لغات أخرى ، انظرها في القاموس المحيط.
حين : ظرف مبهم يصلح لجميع الأزمان طالت أو قصرت المدّة : وجمعها :
__________________
(١) الآية «١٢٤» من سورة الأنعام «٦».