الابتداء والفاعليّة في نحو قوله تعالى : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا)(١) وفي : (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ)(٢) والأرجح الفاعليّة لفعل محذوف.
وعند الكوفيين يجوز تقديم الفاعل تمسّكا بنحو قول الزّباء :
ما للجمال مشيها وئيدا |
أجندلا يحملن أم حديدا |
برفع «مشيها» على أنّه فاعل ل : «وئيدا» وهو ـ عند البصريين ـ ضرورة ، أو «مشيها» مبتدأ حذف خبره ، لسد الحال مسدّه ، أي : يظهر وئيدا.
(٣) الفاعل عمدة :
لا يستغني فعل عن فاعل ، فإن ظهر في اللفظ نحو «دخل المعلم» وإلّا فهو ضمير مستتر راجع إمّا إلى مذكور نحو «إبراهيم نجح» أو راجع لما دلّ عليه الفعل كالحديث : «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» ففي «يشرب ضمير مستتر مرفوع على الفاعليّة راجع إلى الشّارب الدّالّ عليه يشرب.
أو راجع لما دلّ عليه الكلام نحو : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ)(٣) ففاعل «بلغت» ضمير راجع إلى الروح الدّال عليها سياق الكلام.
(٤) حذف فعله :
يجوز حذف فعل الفاعل ، إن أجيب به نفي كقولك «بلى عليّ» جوابا لمن قال «ما نجح أحد» ومنه قوله :
تجلّدت حتّى قيل لم يعر قلبه |
من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد (٤) |
أو أجيب به استفهام محقّق ، نحو «نعم خالد» جوابا لمن قال : «هل جاءك أحد؟» ومنه (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(٥) ، أو مقدّر كقول ضرار بن نهشل يرثي أخاه يزيد :
ليبك يزيد ضارع لخصومة |
ومختبط مما تطيح الطّوائح (٦) |
__________________
(١) الآية «٦» من سورة التغابن «٦٤».
و «بشر» يجوز أن يكون مبتدأ ، وسوغ الابتداء ، تقدم الاستفهام ويجوز أن يكون فاعلا بفعل محذوف يفسره يهدوننا.
(٢) الآية «٥٩» من سورة الواقعة «٥٦».
و «أنتم» يجوز أن يكون مبتدأ ، ويجوز أن يكون فاعل فعل محذوف يفسره المذكور.
(٣) الآية «٢٦» من سورة القيامة «٧٥».
(٤) فـ «أعظم الوجد» فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول النفي ، والتقدير : بل عراه أعظم الوجد ، و «تجلدت» من التجلد ، وهو التصبر ، «لم يعر» من عراه إذا غشيه.
(٥) الآية «٨٧» من سورة الزخرف «٤٣».
فلفظ الجلالة فاعل بفعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام ، والتقدير : خلقنا الله.
(٦) فـ «ضارع» فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام المقدر ، كأنه قيل من يبكيه؟ فقيل : ضارع أي يبكيه ضارع ، هذا على رواية لبيك مجهولا ، ورواه الأصمعي بنصب يزيد ، ولبيك معلوما ، فعلى هذا لا شاهد فيه ، وهذه الرواية ، أقرب إلى الصحيح.