يرفع اسم التفضيل الضمير المستتر بكثرة نحو «أبو بكر أفضل» ويرفع الاسم الظّاهر ، أو الضّمير المنفصل في لغة قليلة نحو «نزلت برجل أكرم منه أبوه» أو «أكرم منه (١) أنت» ويطّرد أن يرفع «أفعل التفضيل» الاسم الظاهر إذا جاز أن يقع موقعه الفعل الذي بني منه مفيدا فائدته ، وذلك إذا كان «أفعل» صفة لاسم جنس ، وسبقه «نفي أو شبهه». وكان مرفوعه أجنبيا مفضّلا على نفسه باعتبارين نحو : «ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» (٢) و «لم ألق إنسانا أسرع في يده القلم منه في يد عليّ».
و «لا يكن غيرك أحبّ إليه الخير منه إليك». و «هل في الناس رجل أحقّ به الحمد منه بمحسن لا يمنّ».
وأما النّصب به : فيمتنع منه مطلقا المفعول به والمفعول معه ، والمفعول المطلق ، ويمتنع التمييز ، إذا لم يكن فاعلا في المعنى فلفظ «حيث» في قوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٣). في موضع نصب مفعولا به بفعل مقدّر يدل عليه أعلم ؛ أي يعلم الموضع والشّخص الذي يصلح للرّسالة ، ومنه قوله :
«وأضرب منا بالسيوف القوانسا» (٤)
. وأجاز بعضهم : أن يكون «أفعل» هو العامل لتجرّده عن معنى التفضيل.
أمّا عمله الجرّ بالإضافة ، فيجوز إن كان المخفوض كلّا ، و «أفعل» بعضه ، وذلك إذا أضيف إلى معرفة ، نحو «الشّافعي أعلم الفقهاء». وعكسه إذا أضيف لنكرة نحو «أفضل رجلين أبو بكر وعمر». وأمّا عمله بالحرف فإن كان «أفعل» مصوغا من متعدّ بنفسه ودلّ على حب أو بغض عدّي ب «إلى» إلى ما هو فاعل في المعنى ، وعدّي ب «اللام» إلى ما هو مفعول في المعنى ، نحو «المؤمن أحبّ لله من نفسه ، وهو أحبّ إلى الله من غيره» أي يحبّ الله أكثر من حبّه لنفسه ، ويحبّه الله أكثر من حبّه لغيره ، ونحو «الصّالح أبغض للشّرّ من الفاسق ، وهو أبغض إليه من غيره». أي يبغض
__________________
(١) قلة هذه اللغة على أساس إعراب «أكرم» صفة لرجل ممنوعة من الصرف وبرفع «الأب» و «أنت» على الفاعلية بأكرم وأكثر العرب يوجب رفع «أكرم» في هذين المثالين على أنه خبر مقدم و «أبوه» أو «أنت» مبتدأ مؤخر ، وفاعل أكرم ضمير عائد على المبتدأ والجملة من المبتدأ والخبر صفة لرجل.
(٢) معنى المثال : أنّ الكحل ـ باعتبار كونه في عين زيد ـ أحسن من نفسه باعتبار كونه في عين غيره من الرجال ، وهذان هما الاعتباران.
(٣) الآية «١٢٤» من سورة الأنعام «٦».
(٤) القوانس : جمع قونس ، وهو أعلى البيضة «الخوذة».