شئت قلت : «ما أتاني إلّا زيدا إلّا عمرو» فتجعل الإتيان لعمرو ، ويكون زيد منتصبا ، فأنت في ذا بالخيار إن شئت نصبت الأوّل ورفعت الآخر وإن شئت نصبت الآخر ورفعت الأوّل.
(ه) حكم «إلّا» إذا تكررت :
إذا تكرّرت «إلّا» فهي على قسمين ، إمّا مؤكّدة وإمّا مؤسّسة (١). فالأولى حكمها الإلغاء عن العمل. وذلك إذا كان ما بعد «إلّا» الثانية تابعا لما بعد «إلّا» قبلها وتعرب : بدلا ، أو عطف بيان ، أو نسق «جاء الحجّاج إلّا محمّدا إلّا أبا عبد الله» فـ «أبا عبد الله» بدل كلّ من محمد و «إلّا» الثانية زائدة ، لمجّرد التّأكيد لأنّ أبا عبد الله هو محمّد ونحو «حضر القوم إلّا سعدا وإلّا سعيدا».
ف «سعيدا عطف على سعد ، و «إلّا» الثانية لغو ، ومن هذا قول أبي ذؤيب الهذلي :
هل الدّهر إلّا ليلة ونهارها |
وإلّا طلوع الشّمس ثمّ غيارها (٢) |
ونحو «ما قرأ إلّا محمّد إلّا أستاذك» و «ما أصلحت إلّا البيت إلّا سقفه» «ما أعجبني إلّا خالد إلّا علمه» وقد اجتمع العطف والبدل في قول الراجز :
مالك من شيخك إلّا عمله |
إلّا رسيمه وإلّا رمله (٣) |
والثّانية وهي المؤسّسة أي لقصد استثناء بعد استثناء ، وتكون في غير العطف والبدل ، فإن كان العامل الذي قبل «إلّا» مفرّغا شغلت العامل بواحد من المستثنيات ونصبت ما عداه نحو «ما سافر إلّا عليّ إلّا خالدا إلّا بكرا».
تقدّم المستثنى على المستثنى منه :
كلّ ما تقدّم من القواعد في المستثنى في حال تأخّره عن المستثنى منه ؛ أمّا إذا تقدّم المستثنى فإنه لا يكون إلّا منصوبا ، ولو كان منفيا ، وذلك قولك : «ما فيها إلّا أباك أحد». و «مالي إلا أباك صديق» وقال كعب بن مالك :
والناس ألب علينا فيك ليس لنا |
إلّا السيوف وأطراف القنا وزر |
فإذا قلت : «مالي إلّا زيدا صديق وعمرا وعمرو» فأنت بالخيار بين النّصب والرّفع في المستثنى الثّاني ، ومثله «ومن لي إلّا أباك صديق وزيدا وزيد». أما النّصب فعلى الكلام الأول ، وأمّا الرفع فكأنه قال : وعمرو لي.
إلّا بمنزلة مثل وغير ولا تكون إلّا
__________________
(١) المؤسسة : التي لها معنى أصلي.
(٢) غيارها : من غارت الشمس إذا غربت.
(٣) الرّسيم : نوع من السّير سريع مؤثّر في الأرض ، والرّمل : سير فوق المشي ، ودون العدو ، فالرسيم والرمل : تفسيران ل «عمله».