فاننا نضرب مثالاً لمدرسة ايتون الاعدادية الارستقراطية. فقد تخرج من هذه المدرسة على مر السنين طلبة سيطروا على شتى مجالات الحياة الاقتصادية والسياسية ، منهم ثمانية عشر رئيس وزراء لبريطانيا خلال العقود القليلة الماضية (١). وتمثل جامعتا اكسفورد وكامبردج اعلى مراحل التعليم الارستقراطي الرأسمالي في المجتمع الانكليزي ، حيث ان نصف عدد طلبتهما من الطبقة الارستقراطية التي تشكل واحد بالمائة فقط من افراد المجتمع (٢) ، كما ذكرنا ذلك آنفاً. ويتربع خريجو اكسفورد وكامبردج على مقاعد اعلى المؤسسات السياسية والاقتصادية البريطانية ، ويسيطرون على مؤسسات القضاء ، والدين ، والاعلام ، والبنوك ، والوظائف الحكومية المهمة. فهل تستطيع ان تتصور ان مدرسة اعدادية واحدة في النجف مثلاً تخرج ثمانية عشر رئيساً لدولة العراق ، او مدرسة ثانوية واحدة في صيدا تخرج ثمانية عشر رئيساً لدولة لبنان؟ هذا هو تماماً دور مدرسة ايتون الاعدادية الارستقراطية في اعداد وتأهيل افراد الطبقة الرأسمالية الحاكمة في بريطانيا.
وحتى يضفي النظام السياسي صفة رسمية على هؤلاء الاغنياء من الطبقة الرأسمالية ، فانه يمنحهم القاباً سياسية لها تأثير اجتماعي واقتصادي واضح ، مثل القاب اللورد والفارس وصاحب الجلالة ، وهي القاب تعبر عن سيادة
__________________
(١) (جوناثين كاثورن ـ هاردي). الرابطة المدرسية القديمة : ظاهرة المدارس الانكليزية العامة. نيويورك : فيكنك ، ١٩٧٨ م.
(٢) (جيرالد بيرمان). الطبقية في العالم الحديث. موريستاون ، نيوجرسي : مطبعة التعليم العام ، ١٩٧٣ م.