رابعاً : ان توزيع الحقوق الشرعية عن طريق المساجد وائمتها ، يقلل ايضاً من فرص ذهاب الثروة الى غير مستحقيها ؛ لان امام المسجد او وكيل المرجع الديني مسؤول عن محلته ، مطلع على افراد جيرته ، يساعد فقيرهم ويسأل عن اهل الحاجة فيهم ، حيث تتجمع عنده الصدقات والحقوق الشرعية فيصرفها ـ بعد الاذن ـ في مواردها لمساعدة الفقراء واشباع حاجاتهم وحاجات اسرهم. ولكن النظام الرأسمالي يعيّن مجموعة من الموظفين للقيام بالتحقيق باحوال الفقراء (١). وهذا التحقيق لا يقابل في اغلب الاحيان ، حاجات الفقراء الاساسية حيث ينفذ المتصيّدون الى النظام الاساسي ، مما يسبب انعداماً في عدالة التوزيع.
خامساً : ان الاسلام يحدّد مسؤولية الحاكم الشرعي او ولي امر الامة في الامور الحسبية ، وهي مسؤولية اشباع حاجات الايتام والارامل والقاصرين ، باعتباره المسؤول الاول الذي يسد مواقع آبائهم وازواجهم وذويهم. وهذه المسؤولية الشرعية مهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية لهؤلاء المحرومين ، وضرورية في تمكينهم من تطوير انفسهم مستقبلاً. ومع ان الدولة في النظام الرأسمالي تظهر رعاية من نوع ما لهؤلاء المساكين ، الا ان اكثر الفقراء هم من الاطفال والنساء الارامل والمُطَلّقات ؛ وليس لهؤلاء تشريع خاص ، بل انهم يلحقون بعموم الطبقة الفقيرة (٢).
__________________
(١) (شيلدون دانزايكر) و (دانيال واينبرغ). محاربة الفقر : ما الذي ينفع وما الذي لا ينفع؟ كامبردج ، ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفارد ، ١٩٨٦ م.
(٢) (روث سايدل). النساء والاطفال في المؤخرة : مأزق النساء الفقيرات في امريكا الغنية. نيويورك : فيكنك ، ١٩٨٦ م.