عوامل تحديد الطبقة الاجتماعية او تشخيص ولي الامر او تعيين الحاكم الشرعي. اما القوة السياسية فانها نتيجة حتمية لعامل مهم آخر تتجاهله النظرية الرأسمالية ويتبناه الاسلام ، وهو العامل الفلسفي او العلمي. ففي الوقت الذي تتجاهل فيه الفكرة الرأسمالية العامل الفلسفي في التطبيق السياسي (١) ، تتبنى النظرية الاسلامية الاجتهاد كعامل اساسي في تكوين شخصية الحاكم الشرعي ، وتقرر ان المرجعية الدينية والاجتماعية والسياسية يجب أن تكون بيد اعلم المجتهدين لانه اقدر على التعامل مع الحالة الاجتماعية والسياسية من اي فرد آخر في المجتمع. ولا شك ان العامل الفلسفي على تناقض واضح مع عامل الثروة ، فاغلب المجتهدين والعلماء والفلاسفة يزهدون في طلب المال ويجدون في طلب العلم ، وهذا في حد ذاته عنصر مهم من عناصر تشجيع الافراد على السعي لاستيعاب مفهوم العدالة الاجتماعية ، والمساهمة عن طيب خاطر في مشاركة اموال بعضهم البعض عن طريق دفع الحقوق الشرعية وتمرين النفس على العطاء السخي بمفهومه الانساني الواسع.
ولا ريب ان العامل الفلسفي في تكوين شخصية الحاكم الشرعي في الاسلام ، اجل واعظم من العوامل الرأسمالية الثلاثة التي تخلق الطبقة الحاكمة لأن الدافع في النظرية الاولى عدالة توزيع الثروة بين الناس ، والدافع في النظرية الثانية الطمع والمنافسة المبنية على جمع اكبر كمية ممكنة
__________________
(١) (ساندفورد لاكوف). المساواة في الفلسفة السياسية. كامبردج ، ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفارد ، ١٩٦٤ م.