ترسيخ التجانس والتلاصق الاجتماعي بين الافراد ، رابطة هؤلاء الافراد جميعا بالسلطة الاخلاقية المطلقة وهو الله سبحانه وتعالى. ولما كانت للخالق عز وجل السلطة الغيبية على الافراد ، تعين ان يكون لرسله او من يمثلونهم سلطة دنيوية ؛ لان القانون لا يطبق ما لم يلزم الافراد بتطبيقه تطبيقاً كاملاً. وهذا الالزام الاجتماعي لا يتم الا على صعيدين ؛ الاول : الالزام الداخلي الذاتي. والثاني : نظام العقوبات. اي ان الفرد اذا حدثته نفسه بانتهاك حرمة القانون الاجتماعي ضمن اطار النظرية الدينية ، تعين عليه ان يتوقع ما يستحقه من نتائج وخيمة على مستوى ذلك الانحراف. وهنا لا تذوب الشخصية الفردية في المصلحة الاجتماعية ، كما تزعم النظرية الغربية ؛ بل ان الالزام الداخلي للفرد ، والحزم في العقوبة النازلة بالمنحرف يضمنان ـ بشكل قاطع ـ حقوق الافراد وحرّيّاتهم في التصرف السلوكي السليم ، ويرعيان حقوق الجماعة والنظام الاجتماعي من الانتهاك. اي ان النظرية الاجتماعية الاسلامية تحفظ شخصية الفرد من قيود النظام الاجتماعي ، وتنمي ذاتيته المتصلة بمصدر الاخلاق المطلق وهو الله سبحانه وتعالى ، وتمد الكيان الاجتماعي بكل عناصر القوة والديمومة والحياة ، حتى يتنعّم الفرد بأكمل اشكال الحياة الاجتماعية على وجه الارض.
ولا ريب ان اكبر المشاكل التي واجهتها النظرية الاجتماعية الغربية ، هو ماهية الربط بين الفرد والمؤسسات الاجتماعية. بمعنى آخر ، هل يستند الرابط بين الفرد والنظام الاجتماعي على قاعدة الاخلاق والالزام الاخلاقي ، ام يستند على قاعدة الدين والالزام الديني؟ ولم يزل الصراع بين انصار المدرستين الغربيتين (الاخلاقية والدينية) دائراً حتى انتصرت مدرسة