الطبقة الرأسمالية مصدراً من مصادر انعدام العدالة الاجتماعية (١). وهذا المنطق في طبيعته ينسجم مع ظلم الفكرة الرأسمالية ، ولكن الفكرة الماركسية لم تصف لنا وضع الافراد العاملين في الخدمات الاجتماعية كالتعليم والطب والقضاء والشرطة ، ولم تضعهم ضمن أيّة طبقة اجتماعية. فهؤلاء لا يعملون لخدمة الطبقة الرأسمالية ولا يبذلون جهدهم ولا يعتصرون عرقهم من اجل الانتاج ، بل ان نشاطهم المهني منصبّ بشكل اساسي في مجال الخدمات الاجتماعية. ومهن كالتعليم والطّبّ والقضاء امتهنها الانسان منذ فجر التاريخ الانساني ، فكيف يستطيع الفرد الرأسمالي السيطرة على جهود هؤلاء المهنيين في الوقت الذي يمكنهم فيه فرض اجوراً عالية على الزبائن الرأسماليين انفسهم؟ وكيف تستطيع الرأسمالية السيطرة على اجور عمل القضاة وعلماء الكيمياء والصيدلة مثلاً؟ فالمعلم ـ وعن طريق اتحاده المهني ـ يستطيع ان يفرض اجورا عالية على تعليمه ابناء النظام الاجتماعي ، والقاضي في النظام الرأسمالي يقبض اجوراً من افراد الطبقتين عن طري واردات الضريبة الحكومية. فاين موقع هؤلاء الافراد في الصراع الاجتماعي؟ وهل يصح تصنيفهم ضمن الطبقة الرأسمالية او الطبقة العمالية؟ هنا تعجز النظرية الماركسية في الاجابة على هذا السؤال.
وهذا العجز والفشل ليس الاول الذي منيت به الفكرة الماركسية ، بل ان فشلها الرئيسي تمثل في عجزها عن التنبؤ بظهور طبقة وسطى في المجتمع الرأسمالي ؛ وان افراد هذه الطبقة لا يعملون بالضرورة ضمن توجه الطبقة
__________________
(١) (آنتوني اوبرشال). الصراع الاجتماعي والحركات الاجتماعية. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٧٣ م.