الظلم والحرمان الاجتماعي ، فزيادة الثروة وحسن وعدالة توزيعها تؤدي الى رخاء اجتماعي يساهم في رفع الحيف عن المظلومين والمحرومين ؛ لان العدالة الاجتماعية ترتبط في الاصل بنظام يساهم في توزيع عادل للثروة ، ولا يرتبط بالزيادة المالية نفسها. وهناك شواهد تاريخية عديدة تؤكد صدق هذا الرأي ، كما ورد في كتب التاريخ عن رجوع الصدقات الى بيت المال في صدر الاسلام ؛ لان الثروة المالية انتشرت عن طريق التوزيع بين عدد كبير من الافراد ولم تتكدس بايدي جماعة محدودة العدد.
ولاشك ان زعم الفكرة التوفيقية القائل بانه لا حياة للمجتمع الرأسمالي ما لم تتم فيه مقابلة حاجاته الاساسية من الخبرات بالادوار التي يتطلبها ذلك المجتمع لا يتطابق تطابقاً تاماً مع الحقيقة. فالتمييز العنصري القائم على اساس المنشأ واللون والدين الذي كان يمارسه المجتمع الصناعي في القرن التاسع عشر يفند هذا الادعاء. فقد كان الافراد البيض يرفضون استلام العلاج من طبيب اسود مثلاً ، بسبب لون بشرته (١) ، فكيف تقابل اذن ـ حسب ادعاء النظرية التوفيقية ـ حاجات المجتمع الاساسية مع الادوار الاجتماعية ، عن طريق استخدام قاعدة التمييز بين الافراد على اساس اللون والمنشأ والدين؟ وفي دول كثيرة من العالم ، لا يشغل السياسي الكفوء محله الطبيعي في الحكم والادارة بسبب معارضته للنظام السياسي. فكيف تفسر هذه المدرسة ، مقابلة حاجات المجتمع الاساسية مع الادوار المطلوبة في هذا
__________________
(١) (رالف داريندورف). الطبقة والصراع الطبقي في المجتمع الصناعي. بيركلي ، كاليفورنيا : مطبعة جامعة ستانفورد ، ١٩٥٩ م.