عن الاختلاط بهذه الطبقات رويداً رويداً ، حتى انقطعت كل الصلات الاجتماعية بينهما. وبطبيعة الحال ، فان الطبقة الثرية تحافظ على نقاوتها وحيويتها جيلاً بعد جيل ، عن طريق التزاوج فيما بين افرادها. فالمناكحة بين ابناء الرؤوس الكبيرة يبقي تراكم الثروة ضمن حدود وجدران الطبقة الغنية دائماً (١).
ولا بد من سائل يسأل : هل يسمح لفرد تراكمت الثروة في حوزته عن طريق القمار او الربح السريع من الانضمام لهذه الطبقة؟ والجواب ان القادم الجديد لا يسمح له الانضمام الى هذه الطبقة حتى وان تجاوزت امواله اموال بعض افرادها ؛ لانه لا يملك النسب العائلي الذي يسمح له الدخول الى دائرة هذه الحلقة الاجتماعية العليا (٢).
ولاشك ان التأثير السياسي لهذه العوائل يتجاوز الحدود الجغرافية للولايات المتحدة ليشمل العالم الواسع من خلال التجارة والتسلح والتأثير السياسي والاقتصادي والثقافي. ولا ريب ان الظلم الذي لحق الافراد نتيجة سيطرة هذه الطبقة لم يشمل الافراد الذين يعيشون في بقعة جغرافية محددة او اولئك الذين يسكنون في دولة معينة ، بل قد شمل الانسانية المعاصرة كلها على وجه الارض (٣) ؛ خصوصاً اذا ما علمنا ان الطبقة الرأسمالية في امريكا لها ارتباطات وثيقة بالطبقات المالكة في الانظمة الرأسمالية الاوروبية كبريطانيا وهولندا والسويد.
__________________
(١) (رايت ميلز). الطبقة الحاكمة. نيويورك : مطبعة جامعة آكسفورد ، ١٩٥٦ م.
(٢) (هربرت هيمن). علم الاجتماع السياسي : دراسة في السلوك النفسي والسياسي. نيويورك : المطبعة الحرة ، ١٩٦٩ م.
(٣) (عمانوئيل ولرستاين). اقتصاد العالم الرأسمالي. نيويورك : مطبعة جامعة كامبردج ، ١٩٧٩ م.