لا ملجأ لهم ، يمدون ايديهم للناس ويبحثون في القمامة عن فضلات الطعام ليسدوا بها رمقهم. ويقدر عددهم اليوم باكثر من اربعة ملايين جائع في الولايات المتحدة فقط (١) ، ناهيك عن بعض بلدان اوروبا الغربية مهد الحضارة الرأسمالية الحديثة.
وحتى ان « خط الفقر » ، وهو الخط الاحمر الذي تحدده الحكومة الرأسمالية للكلفة المعيشية الدنيا للعائلة الواحدة سنوياً ، كان ـ ولا يزال ـ خطأ يعبره ملايين الناس من الطبقة المتوسطة ليستقروا داخل الطبقة الفقيرة. فالعائلة المكوّنة من اربعة افراد مثلاً يكفيها دخل سنوي بحدود عشرة آلاف دولار. فاذا هبط الدخل السنوي لهذه الاسرة عن هذا المبلغ انضمت الى جيوش الفقراء الذين يشكلون عشرين بالمائة من المجتمع الرأسمالي الامريكي (٢).
ولكن المدرسة الرأسمالية تزعم بان الفقر ينتشر بين افراد المجتمع ، بشكل عشوائي (٣). بمعنى ان النظام الطبقي ليس له دخل في نشوء الفقر وانتشار الفقراء ؛ وهو افتراض محض لا يقوم على دليل ؛ حيث ان الفقر ـ في واقع الامر ـ ينتشر بشكل منظّم بين ثلاث مجاميع من الافراد ، كلها من الطبقات الفقيرة.
__________________
(١) (بارنينكتن مور). الظلم الاجتماعي : القواعد الاساسية للطاعة والعصيان. نيويورك : بانثيون ، ١٩٧٩ م. وايضاً : (كين اوليتا). الطبقة المعدمة. نيويورك : ماكرو ـ هيل ، ١٩٨٢ م.
(٢) (كريستوفر جينكز). « كم هو فقر الفقير؟ ». مقالة علمية في (النشرة النقدية للكتاب في نيويورك) ، عدد ٣٢ ، رقم ٩ ، ١٩٨٥ م. ص ٤١ ـ ٤٩.
(٣) (سيمور مارتن لبست) و (راينهارت بنديكس). التحرك الاجتماعي في المجتمع الصناعي. بيركلي ، كاليفورنيا : مطبعة جامعة كاليفورنيا ، ١٩٥٩ م.