وبالرغم من كل هذا الاجحاف بحق الفقراء فان المدرسة الرأسمالية تزعم بان ثلث الفقراء في المجتمع الرأسمالي ينتقلون سنوياً من الطبقة الفقيرة الى الطبقة المتوسطة السفلى (١). ولكن حتى مع افتراض صدق المدرسة الرأسمالية في زعمها ، الا انها تخفي وراءها امراً مهماً ، وهو ان الفراغ الذي يتركه النازحون من الطبقة الفقيرة الى الطبقة الاعلى يشغله افراد آخرون ، اجبرتهم ظروف العمل او البطالة النزول الى مستوى الطبقة الفقيرة. فالواقع ان الطبقة الفقيرة تشهد حركة نشطة ما بين داخل اليها ونازح منها. اما الطبقة الرأسمالية ، فانها تشهد استقراراً وثباتاً ليس في جيل معين بذاته فحسب ، بل تشهد ذلك الاستقرار والثبات في كل جيل.
ولرب سائل يسأل : هل بمقدور النظام الرأسمالي ان يحل مشكلة الفقر حلاً جذرياً حاسماً؟ واذا كان الجواب بالايجاب فلماذا لا يقوم النظام الرأسمالي بذلك؟ والجواب : ان النظام الرأسمالي يستطيع من الناحية العملية ان يحل مشكلة الفقر حلاً حاسماً ، وذلك بحث المجتمع على ترك عادة مضرة واحدة مثل التدخين ، وتوزيع المال المصروف على تلك العادة المضرة على الفقراء. ولكن المشكلة ان هذا الحل لا ينسجم مع تطلعات الطبقة الرأسمالية. حيث ينهض رواد النظام الرأسمالي ، في نقاشهم لهذه القضية ، زاعمين بانه ليست لديهم القيمومة على حرية الافراد ، لان الفرد نظرياً ينبغي ان يتمتع بحرية كاملة على الصعيد الشخصي فيما يتعلق باللذة الجسدية ، فلا يستطيع الرأسمالي الحاكم ان يمنع فرداً من تناول شراب معين او استنشاق دخان
__________________
(١) (جورج ديفس) و (كليك واتسون). الحياة السوداء في المؤسسة التجارية الامريكية. نيويورك : دبل دي / انكور ، ١٩٨٢ م.