بارحنا ذلك المكان نحو الساعة ٢١ ومخرنا عباب النهر الجاري في سهل منبسط ، وهنا أيضا رأينا جبلا يقوم على قمته مسجد جميل جدّا. وهكذا سرنا نمتع الأبصار بتلك التلال والحقول ورأينا أحراش حطب ، وأشجار نخيل ؛ ومررنا قرب النواعير والأكواخ ، ومختلف البيوت المشيدة على ضفتي النهر. حتى جاء المساء فمضينا لنحل في موضع على ضفة النهر اليمنى وكان المكان أشبه ما يكون بالجزيرة.
قير هيت
في الساعة الواحدة ليلا وصلت إلينا في الموضع الذي نزلنا فيه إحدى سفننا التي أبطأت في السير وبقيت وراءنا بإنتظار بعض التجار الأتراك الذين ذهبوا إلى موضع قريب من هيت لمشاهدة المحل الذي يتدفق منه القير وهو أشبه ما يكون ببحيرة يفور منها القير باستمرار ، ومع هذا لم يكن حارّا.
إن سكان تلك النواحي يشيدون بيوتهم من أغصان الأشجار ثم يطلونها بطبقة سميكة من القير حتى يمكن القول بأنهم يقيمون جدرانا مقيرة. وبهذه الطريقة نفسها يصنعون السفن من سعف النخيل ثم يضعون كمية كبيرة من القير فتؤدي الغاية المتوخاة كما لو كانت مصنوعة من الواح الخشب كما نفعل نحن.