والبيهقيّ في الدلائل ، عن أبيّ بن كعب ، قال : لمّا نزلت على النبيّ صلّى
__________________
الوعد بالنسبة إلى هذه الامّة عامّة تحقّق وعد الله تعالى.
ولا يجوز أن يكون المراد استخلاف كلّ الامّة في الأرض من الموجودين في حال الخطاب ومن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة ؛ لعدم إمكان ذلك ؛ لأنّ ذلك لم يتحقّق حتّى بالنسبة إلى الموجودين في حال الخطاب ، وبالنسبة إلى عصر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعصر الصحابة حين استولى الإسلام على أرض المملكة العربيّة ؛ لأنّ بعضهم مات أو استشهد قبل ذلك ، وليس معنى ذلك أنّ ظاهر الآية عامّ والمراد منه خاصّ ، بل معنى ذلك أنّ المنساق والمتبادر من هذا السياق ذلك ، ولما ذكر لا يجوز حمل الآية على ما تحقّق للمسلمين من الفتوح في عصر الصحابة ؛ لعدم استخلافهم في جميع الأرض ، ولعدم حصول التمكين المطلق للدين.
وسياق الآية آب من أن يكون الموعود بما وعد بها أفرادا محصورين في المؤمنين الّذين بقوا إلى عصر الصحابة دون كلّ الموجودين في زمان نزولها وبعده.
أمّا وعد الأمّة المؤمنة بذلك وتحقّقه في عصر المهدي عليهالسلام الّذي يستولي على الدنيا كلّها ويملأ الأرض قسطا وعدلا وأمنا فهو الوجه الذي تنطبق عليه الآية دون غيره كما فسّرت به في الروايات ، ولو كان الخطاب متوجّها إلى أهل البيت والأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام ، وقلنا بأنّ كلمة «من» للبيان لا للتبعيض ـ كما في بعض التفاسير ـ يوجّه ذلك أيضا بأنّ الخطاب يكون متوجّها إلى جماعتهم ، وتحقّق ذلك على يد أحدهم تحقّق للجميع.
فقد ظهر لك بما تلوناه عليك عدم صحّة تفسير الآية بما حصل للمسلمين في عصر الصحابة ؛ لاقتضاء ذلك صرف عموم الآية إلى الخصوص ، وإرادة الخاصّ من لفظ «الأرض» الظاهر في العامّ ، ولعدم الوجه في إرادة خصوص الخاصّ بعد صحّة المعنى العامّ ، والاخبار عنه في طائفة من الآيات ، وفي الأخبار الكثيرة المتواترة بل أخبار الأنبياء السالفة.
وأمّا بعض الأحاديث المرويّة في شأن نزولها فهو مضافا إلى ما في سندها من الضعف لا يصلح لأن يكون سببا لتخصيص عموم الآية ، سيّما مع اقتضاء واقع الأمر عمومها.
والعجب مع ذلك ممّن تمسّك لصحّة تولّي الثلاثة أمر المسلمين بهذه الآية ولم يلتفت إلى أنّ ذلك يحتاج إلى إثبات مقدّمات دون إثبات واحد منها خرط القتاد ، منها : اختصاص وعد الله تعالى بالمؤمنين الموجودين في زمان نزول الآية الذين بقوا أحياء إلى عصر الصحابة دون غيرهم من المؤمنين الّذين ماتوا قبل ذلك وجاءوا بعد ذلك