فرسا ونجنب آخر ونخرج مخفّين ، لا يكون معنا قليل ولا كثير إلّا على السرج مصلّى ، وقال [لنا] : الحقوا بسامرة ، ووصف لنا محلّة ودارا ، وقال : إذا أتيتموها تجدون على الباب خادما أسود ، فاكبسوا الدار ومن رأيتم فيها فأتوني برأسه ، فوافينا سامرة فوجدنا الأمر كما وصفه ، وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكّة ينسجها ، فسألناه عن الدار ومن فيها ،
__________________
الخرائج هذا الخبر ، ثمّ قال في موضع آخر على ما نقله عنه بعض أصحابنا ، (وإن لم نجده أيضا فيما عندي من نسخه) : «ثمّ بعثوا عسكرا أكثر ، فلمّا دخلوا الدار سمعوا من السرداب قراءة القرآن ، فاجتمعوا على بابه وحفظوه حتّى لا يصعد ولا يخرج وأميرهم قائم حتّى يصل العسكر كلّهم ، فخرج من السكّة الّتي على باب السرداب ومرّ عليهم ، فلمّا غاب قال الأمير : انزلوا عليه ، فقالوا : أليس هو قد مرّ عليك؟ فقال : ما رأيت ، قال : ولم تركتموه؟ قالوا : إنّا حسبنا أنّك تراه» والظاهر أنّ هذا الخبر هو الوجه في تسمية السرداب بسرداب الغيبة في لسان بعض العلماء في خصوص كتب المزار» انتهى ما في «كشف الأستار» ، وليس فيما نقل عن الخرائج (وإن لم أجده أيضا في النسخة الموجودة منه عندي) دلالة أو إشارة إلى ما نسب إلى الشيعة ، بل دليل على فساد هذه النسبة ، لتضمّنه خروجه من السرداب.
هذا مع أنّ هذه القصّة إنّما وقعت بعد وقوع الغيبة بسنوات ، فإنّ غيبته عليهالسلام وقعت في سنة (٢٦٠ ه) ، والمعتضد ملك الخلافة في رجب سنة (٢٧٩ ه) ، وإن شئت مزيد توضيح لذلك فعليك بكتاب «كشف الأستار» فإنّه قد أدّى حقّ المقام ؛ وأمّا ما يشاهد من السنّة الجارية بين الشيعة ، وهي زيارة مولانا المهدي عليهالسلام في هذا الموضع الشريف فليس لاعتقاد أنّه غاب في السرداب ويجب أن ينتظر خروجه منه ، بل لأنّ الموضع المعروف بالسرداب وحرم العسكريّين عليهماالسلام محلّ دورهم وبيوتهم الشريفة التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، ومحلّ ولادة القائم عليهالسلام ، ومحلّ بروز بعض معجزاته وخوارق عاداته ، وليس لها خصوصيّة إلّا ما ذكر ، ولكن هذه الخصوصيّة تدعو شيعته ومحبيه إلى زيارته فيها ، والاشتغال فيها بتلاوة القرآن والدعاء لفرجه ، وتعجيل ظهوره ، والصلوات عليه وعلى أبيه وجدّه وامّه عليهمالسلام ، وللشيعة في غير هذا الموضع مقامات اخرى يزورونه عليهالسلام فيها ، لما ثبت عندهم من مقامه عليهالسلام فيها في وقت من الأوقات.