قال : بعث إلينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر ، فأمرنا أن يركب كلّ واحد منّا
__________________
أي لزنية منفيّ عن جدّي ، والرشيق مولى المعتضد ؛ فراجع الكامل : ج ٧ ص ٣٦٥.
ثمّ اعلم أنّ من مخاريق بعض العامّة وافتراءاتهم نسبتهم إلى الشيعة اعتقاد أنّ القائم عليهالسلام غاب في السرداب ، وأنّه بعد غيبته باق فيه ، ولم يخرج منه إلى الآن ، ولم يره أحد ، وأنّه يخرج منه والشيعة ينتظرون خروجه منه ، حتّى قال ابن حجر في الصواعق : «ولقد أحسن القائل : ما آن للسرداب أن يلد الّذي ... الخ».
أقول : قال الله تعالى : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) أيها العلماء ، أيّها القرّاء ، يا أهل الإنصاف ، هذه كتب علماء الإماميّة من عصر الغيبة ، بل قبلها إلى زماننا بين أظهركم وأيديكم ، فانظروا فيها حتّى تقفوا على شدّة التعصّب والعناد ، وانظروا فيها حتّى تعرفوا قيمة هذه الافتراءات ، وانظروا فيها حتّى تعلموا أنّه ليس لهذا البهتان أثر في كتاب واحد من أصاغر علماء الشيعة فضلا عن أكابرهم وأعيانهم ؛ كالكليني ، والصدوق ، والنعماني ، والمفيد ، والشيخ ، والسيّدين المرتضى والرضي ، والعلامة ، وغيرهم ، انظروا فيها حتّى تقفوا على ما هو السبب الوحيد لافتراق كلمة هذه الامّة ، والمانع الفذّ من تقريبهم وتوحيد كلمتهم ، ولعمر الحقّ إنّ لمثل هذا البهتان تقشعرّ الجلود ، وتندهش العقول ، رجال يعدّون أنفسهم من العلماء ومن أهل التثبّت والتحقيق ومن المسلمين ثمّ يأتون بأكذوبة وبهتان على طائفة عظيمة من المسلمين ، فيهم في كلّ عصر وجيل ألوف من العلماء ، والحكماء ، والادباء ، والشعراء ، والمتكلّمين ، وأهل التصنيف والتأليف ، وأكابر كلّ فنّ من فنون العلم ، ويكتبونها في كتبهم الّتي يقرأها المسلمون وأهل العلم والاطلاع جيلا بعد جيل ، فيعرفون منها ميزان علمهم ، ومبلغ همهم ، نعوذ بالله ممّا تزلّ به الأقلام والألباب.
نعم لو جعلنا كتب الإماميّة ـ قديما وحديثا ـ تجاه نظرنا لوجدناها مشحونة بروايات وأحاديث وحكايات كلّها يكذّب هذه المخاريق والمجعولات ، وقد ذكرنا طائفة كثيرة من هذه الروايات في هذا الكتاب ، قال المحدّث النوري ـ رحمهالله ـ في طي كلماته في «كشف الأستار» : «نحن كلّما راجعنا ، وتفحّصنا ، لم نجد لما ذكروه أثرا ، بل ليس فيها ذكر للسرداب أصلا سوى قضيّة المعتضد الّتي نقلها نور الدين عبد الرحمن الجامي في «شواهد النبوة» ، وهي موجودة في كتبهم بأسانيدهم ، ولكنّهم ساقوا المتن هكذا عن رشيق صاحب المادراي (ثمّ ذكر ما نقلناه في المتن عن غيبة الشيخ عن رشيق ، وقال :) وليس فيه ذكر للسرداب أصلا ، إلّا أنّ القطب الراوندي ذكر في