الأمل والرجاء ، ثم قال : سر بنا يا أخ! فسار وسرت بمسيره الى أن انحدر من الذروة وسار في أسفله ، فقال : انزل ، فهاهنا يذلّ كل صعب ، ويخضع كل جبّار ، ثم قال : خلّ عن زمام الناقة ، قلت : فعلى من أخلفها؟ فقال : حرم القائم عليهالسلام لا يدخله إلّا مؤمن ولا يخرج منه إلّا مؤمن ، فخلّيت من زمام راحلتي ، وسار وسرت معه الى أن دنا من باب الخباء فسبقني بالدخول ، وأمرني أن أقف حتى يخرج إليّ ، ثم قال لي : ادخل هناك السلامة ، فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتّشح ببردة واتّزر باخرى ، وقد كسر بردته على عاتقه ، وهو كاقحوانة (١) ارجوان قد تكاثف عليها الندى ، وأصابها ألم الهوى ، وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان ، سمح سخيّ ، تقيّ نقيّ ، ليس بالطويل الشامخ ، ولا بالقصير اللازق ، بل مربوع القامة ، مدوّر الهامة ، صلت الجبين ، أزجّ الحاجبين ، أقنى الأنف ، سهل الخدّين ، على خدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك على رضراضة عنبر ، فلمّا أن رأيته بدرته بالسلام ، فردّ عليّ أحسن ما سلّمت عليه ، وشافهني وسألني عن أهل العراق ، فقلت : سيدي قد ألبسوا جلباب الذلة ، وهم بين القوم أذلّاء ، فقال لي : يا ابن المازيار لتملكونهم
__________________
(١) قال في البحار : «بيان : قال الفيروزآبادي : الاقحوان ـ بالضم ـ البابونج ، والأرجوان ـ بالضمّ ـ الأحمر ، ولعلّ المعنى : أنّ في اللطافة كان مثل الأقحوان ، وفي اللون كالارجوان ، فإن الاقحوان أبيض ، ولا يبعد أن يكون في الأصل «كاقحوانة وارجوان» و «عليهما» و «أصابهما» ، أو يكون «الارجوان» بدل «الاقحوان» فجمعهما النساخ ، واصابة الندى تشبيه لما أصابه عليهالسلام من العرق ، وإصابة ألم الهواء لانكسار لون الحمرة وعدم اشتدادها ، أو لبيان كون البياض أو الحمرة مخلوطة بالسمرة ، فراعى في بيان سمرته عليهالسلام غاية الأدب ، وقال الجزري : في صفة النبي صلىاللهعليهوآله كان صلت الجبين ، أي واسعه ، وقيل : الصلت : الأملس ، وقيل : البارز. وقال : في صفته صلىاللهعليهوآله أزج الحواجب ، الزجج : تقويس في الحاجب مع طول في طرفه وامتداده. وقال الفيروزآبادي : رجل سهل الوجه ، قليل لحمه».