أنبط لي من خزائن الحكم ، وكوامن العلوم ما إن أشعت إليك منه جزءا أغناك عن الجملة.
[واعلم] يا أبا إسحاق أنّه قال عليهالسلام : يا بنيّ! إنّ الله جلّ ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه وأهل الجدّ في طاعته وعبادته بلا حجّة يستعلي بها ، وإمام يؤتمّ به ، ويقتدى بسبيل سنّته ومنهاج قصده ، وأرجو يا بنيّ أن تكون أحد من أعدّه الله لنشر الحقّ ، ووطء الباطل ، وإعلاء الدين ، وإطفاء الضلال ، فعليك يا بنيّ بلزوم خوافي الأرض ، وتتبّع أقاصيها ، فإنّ لكل وليّ لأولياء الله عزوجل عدوّا مقارعا ، وضدّا منازعا ، افتراضا لمجاهدة أهل النفاق ، وخلاعة اولي الالحاد والعناد ، فلا يوحشنّك ذلك.
واعلم أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزّع إليك مثل الطير إلى أو كارها ، وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة ، وهم عند الله بررة أعزاء ، يبرزون بأنفس مختلّة محتاجة ، وهم أهل القناعة والاعتصام ، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الاضداد ، خصّهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العزّ في دار القرار ، وجبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى ، وكرامة حسن العقبى ، فاقتبس يا بنيّ نور الصبر على موارد امورك تفز بدرك الصنع في مصادرها ، واستشعر العزّ فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبّه إن شاء الله ، وكأنك يا بنيّ بتأييد نصر الله [و] قد آن ، وتيسير الفلج وعلوّ الكعب [و] قد حان ، وكأنّك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم ، وكأنك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود ، وتصافق الأكفّ على جنبات