فحملني النوفلي وقد مات أبي ، فنشأت بها ، فلمّا سمعت الصوت قمت مبادرا ولم أنصرف إلى أبي غانم ، وأخذت طريق مصر.
قال : وكتب رجلان من أهل مصر في ولدين لهما ، فورد : أمّا أنت يا فلان فآجرك الله ، ودعا للآخر ، فمات ابن المعزّى.
٨٥٩ ـ (١٦) ـ الغيبة : (للشريف الفقيه المحدّث الزاهد الحسن بن حمزة رضياللهعنه ، المتوفى سنة ٣٥٨ ه) : حدثنا رجل صالح من أصحابنا ، قال : خرجت سنة من السنين حاجّا الى بيت الله الحرام ، وكانت سنة شديدة الحرّ ، كثيرة السموم ، فانقطعت عن القافلة وضللت الطريق ، فغلب عليّ العطش ، حتى سقطت وأشرفت على الموت ، فسمعت صهيلا ، ففتحت عيني فإذا بشابّ حسن الوجه ، حسن الرائحة ، راكب على دابّة شهباء ، فسقاني ماء أبرد من الثلج ، وأحلى من العسل ، ونجّاني من الهلاك ، فقلت : يا سيّدي من أنت؟ قال : أنا حجّة الله على عباده ، وبقيّة الله في أرضه ، أنا الذي أملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، أنا ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهمالسلام ، ثم قال :
__________________
(١٦) ـ الاربعين الموسوم بكفاية المهتدي : ص ١٤٠ ح ٣٦ ، الاربعين للخاتون آبادي : ص ٤٩ ح ١٢.
أقول : وإن كان من المحتمل وقوع هذه المعجزة في الغيبة الكبرى إلّا أنه لما كان احتمال وقوعها في الغيبة الصغرى أقرب الى النظر ذكرناه هنا ، والله أعلم.
ثمّ اعلم أنّ أساتذة فن الرجال قد نعتوا هذا الشريف بالفقه والزهد والورع وغيرها ، قال الشيخ : «كان فاضلا أديبا ، عارفا ، فقيها ، زاهدا ، ورعا ، كثير المحاسن ، له كتب وتصانيف كثيرة ...» وقال النجاشي : «كان من أجلاء هذه الطائفة» ، وفي تنقيح المقال : «هو من السادة الأطياب ، وشيخ من أعاظم مشايخ الأصحاب ، ذكره علماء الرجال ، ونعتوه بكل جميل ، وعظّموه غاية التعظيم».