العالم من ذلّ العبوديّة لغير الله ، ويلغي العادات والأخلاق الذميمة ، ويرفض القوانين الناقصة الّتي أحدثتها أفراد البشر حسب أهوائهم ، ويميت جميع ما يورث العداوة والبغضاء ويقطع أواصر التعصّبات ، التعصّب القوميّ والعنصري ، التعصّب الوطني ، وغير ذلك ممّا هو سبب لاختلاف الامّة وافتراق الكلمة ، واشتعال نيران الفتن والمنازعات.
وسيحقّق الله بظهوره وعده الّذي وعده في قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً). وقوله جلّ وعزّ : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) ، وسيأتي عصر ذهبيّ لا يبقى فيه على الأرض بيت إلّا أدخله الله كلمة الإسلام ، ولا تبقى قرية إلّا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله بكرة وعشيّا.
وهذا أمر ربّما لا يكون من يدّعي اتّفاق المسلمين فيه ، وإجماعهم عليه مجازفا ، كيف وقد ادّعى المهدويّة غير واحد في الصدر الأوّل وفي الأزمنة الّتي كان الناس فيها قريبي عهد بزمن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة والتابعين ، ولم نعهد أحدا من هؤلاء ردّ دعواهم بإنكار أصل هذه البشائر بل ناقشوهم في الخصوصيّات والصغريات.
وليس في المسائل النقليّة الّتي لا طريق لإثباتها إلّا السمع ما يكون الإيمان به أولى من الإيمان بظهور المهديّ عليهالسلام لو لم نقل بكونه أولى من بعضها ؛ لأنّ البشارات الواردة فيه قد تجاوزت عن مرتبة التواتر ، مع أنّ الأحاديث المنقولة في كثير ممّا اعتقده المسلمون وغيرهم لم تبلغ تلك المرتبة ، بل ربّما لا توجد لبعض ذلك إلّا رواية واحدة ومع ذلك