الثالث : إنّ أصحاب الأحكام إتّخذوها طلاسم في أوقات مخصوصة وعظّموها لإعتقادهم الإنتفاع بها.
الرابع : إنّهم إتّخذوها على صور رجال كانوا يعتقدون فيهم إجابة الدعوة وقبول الشفاعة فعبدوها على إعتقاد أنّ أولئك الرجال يكونون شفعاء لهم يوم القيامة عند الله ، وقالوا هٰؤلاء شفعائنا عند الله.
الخامس : لعلّهم إتّخذوها قبلة لصلاتهم وعبادتهم يسجدون إليها لا لها كما إنّا نسجد إلى القبلة لا للقبلة.
السادس : لعلّهم كانوا حلوليّة فاعتقدوا جواز حلول الربّ فيها.
فهذه الوجوه هي التي يمكن حمل مذهبهم عليها حتّى لا يصير بحيث يعلم بطلانه بالضرورة ، ثم لمّا تطاول الأمدِ ونسي مبدأ الأمر ظنّ جهّال القوم أنّها آلهة لهم يجب عبادتها فعبدوها وسمّوها آلهة واشتبهت حال من يعتقد أنّها آلهة مساوية لله تعالى في ذاته وصفاته تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً فسمّوا مشركين وسمّى الله آلهتهم أنداداً تهكّماً بهم (١) وتشنيعاً عليهم فقال «فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ» (٢).
* * *
__________________
١ ـ تهكّم به : أي إستهزأ به وإستخفّ ، النهاية لإبن الأثير : ج ٥ ، ص ٢٦٨.
٢ ـ البقرة : ٢٢.