مطّرداً لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة لأنّ الشيء إذا تحقّق عند المانع فلئن يتحقّق عند عدمه أولى ، وعلى هذا السر يدور ما في (إن) و (لو) الوصليتين من التأكيد.
و «المشركون» هم الذين أشركوا بالله تعالى فجعلوا له شركاء في العبادة.
قال العلماء : وليس أحد في العالم يثبت لله سبحانه شريكاً في الوجوب والعلم والقدرة ، ولكن الثنويّة يثبتون إلٰهين إثنين حكيماً يفعل الخير وسفيهاً يفعل الشرّ أمّا المتّخذون معبوداً سوى الله تعالى فكثيرون منهم ، عبدة الكواكب وهم : الصابئة ، ومنهم : عبدة المسيح ، ومنهم : عبدة الأوثان ولا دين باطل أقدم من دينهم ، لأنّ أقدم الأنبياء الذين نقل إلينا تاريخهم هو نوح عليه السلام وهو لمّا جاء بالردّ عليهم «وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا» (١) ودينهم باق إلى الآن وعبادتهم لها في مبدأ الأمر لم تكن لإعتقادهم فيها أنّها آلهة إذ العلم بأنّ هذا الحجر المنحوت في هذه الساعة ليس هو الذي خلقني وخلق السماوات والأرض ، علم ضروري فيمتنع اطباق جمع عظيم عليه فوجب أن يكون لهم غرض آخر سوى ذلك وقد ذكروا فيه وجوهاً.
أحدها : أنّ بعضهم كأهل الصين والهند كانوا مجسّمة فاتّخذوها أشباهاً لله تعالى وملائكته ، واعتكفوا على عبادتها لقصد طلب الزلفى إلى الله وملائكته.
الثاني : إنّهم إتّخذوها أصناماً للكواكب ، وقصدوا بعبادتها عبادة الكواكب ، وهم بالحقيقة عبدة الكواكب.
__________________
١ ـ نوح : ٢٣.