المراد : وفّق أهل شفاعته للأعمال التي بها يصيرون أهلاً لأجل ما وعدته من من حسن الشفاعة وأعصمهم عمّا لا يستحقّون به ذلك كما في قوله تعالى : «رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» (١).
فإن قلت : كيف تكون الشفاعة في أهله الطاهرين وهم معصومون من جميع الذنوب وقد قال عليه السلام : «إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي ، وأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل» (٢).
قلت : قد علمت أنّ معظم الغرض في الدعاء إظهار سيماء الإفتقار والعبوديّة فلا منافاة ، أو المراد بالشفاعة فيهم شفاعة مخصوصة لا السؤال في التجاوز عن الذنوب ولذلك عبّر بحسن الشفاعة ، وسيأتي أنّ الشفاعة على أقسام ، منها رفع الدرجات ، وفي الحديث : «إنّه لا يبقى ملك مقرّب ولا نبي مرسل إلاّ وهو محتاج إليه صلى الله عليه واله وسلم يوم القيامة» (٣).
ويحتمل أن يكون المراد بالشفاعة شفاعتهم لغيرهم لا الشفاعة لهم وكذا شفاعة أُمّته المؤمنين فتكون «في» من قوله «في أهله الطاهرين» متعلّقاً بوعدته ، أو هي للمصاحبة بمعنى مع كقوله تعالى : «ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ» (٤) أي معهم فيكون ظرفاً مستقرّاً في محلّ النصب على الحال من الضمير المنصوب في عرّفه لا متعلّقاً بالشفاعة ، والمعنى عرّفه مع أهله
__________________
١ ـ آل عمران : ١٩٤.
٢ ـ عيون أخبار الرضا : ج ١ ، ص ١٣٦ ، ح ٣٥.
٣ ـ الكافي : ج ٨ ، ص ٤٠٥ ، رسالة أبي عبد الله صلى الله عليه واله إلى جماعة من الشيعة.
٤ ـ الأعراف : ٣٨.