وعلم نيّتك فقبلها ، فجعل الفرزدق يهجو هشاماً وهو في الحبس ، فكان ممّا هجاه به قوله :
أتحبسني بين المدينة والتي |
|
إليها قلوب الناس تهوى مُنيبها |
تقلّب رأساً لم يكن رأس سيّد |
|
وعيناً له حولاء باد عيوبها |
فأخبر هشام بذلك فأطلقه ، وفي رواية أبي بكر العلّاف أنّه أخرجه إلى البصرة.
هذه القصيدة مروية بأسانيد وطرق متعدّدة وهي متواترة (١).
والحقيقة أنّ الصحيفة السجاديّة تعبر عن عملٍ إجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحلة تفرضه على الإمام إضافةً إلى كونها تراثاً ربّانيّاً فريداً يظلّ على مرّ الدهور مصدر عطاء ، ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب ، ومن الواضح أنّ الإنسانيّة تظل بحاجة إلى هذا التراث المحمّدي العلوي وتزداد الحاجة كلّما إزداد الشيطان إغراءً والدنيا فتنة.
فنظراً لأهمية هذه الصحيفة الشريفة ألّف العلماء حولها شروحاً كثيرة تبلغ أربعة وستّين شرحاً كما ذكره صاحب الذريعة (٢).
وقد قام الفاضل النبيل والعلّامة الأريب السيد علي خان الحسيني المدني الشيرازي قدس سره بشرحها شرحاً وافياً جامعاً يرتوي به كلّ ضمآن
__________________
١ ـ انظر حلية الأولياء : ج ٣ ، ص ١٣٩ ، والأغاني : ج ٢١ ، ص ٣٧٨ ، والبداية والنهاية : ج ٩ ، ص ١١٣ ، والمعجم الكبير : ج ٣ ، ص ١٠٦ ، تحت رقم «٢٨٠٠» ، ومجمع الزوائد : ج ٩ ، ص ٢٠٠ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق : ص ٩١ ، وبحار الأنوار : ج ٤٦ ، ص ١٢٤ ، والمناقب لإبن شهراشوب : ج ٤ ، ص ١٦٩ ، وغير ذلك من كثير الأعلام الذين نقلوا هذه القصّة.
٢ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : ج ١٣ ، ص ٣٤٥ ـ ٣٥٩.