الحمد لما في ذلك من الكرامة التي خصّنا تعالى بها دونهم تفضيلاً لنا عليهم ، ومزيد عناية بنا لم يحرزوها ، إذ كانت الأنبياء والمرسلون فضلاً عن أُممهم يتمنّون أن يكونوا من أُمّته ويسألون الله أن يجعلهم منهم ، كما وردت به الأخبار المستفيضة من طرق الخاصّة والعامّة ، فمن ذلك ما رواه رئيس المحدّثين في كتاب معاني الأخبار بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام : انّه كان فيما ناجى الله تعالى به موسى أن قال له : يا موسى لا أقبل الصّلاة إلّا ممّن تواضع لعظمتي ، وألزم قلبه خوفي ، وقطع نهاره بذكري ، ولم يبت مصرّاً على الخطيئة ، وعرف حقّ أوليائي وأحبائي.
فقال : ياربّ تعني بأحبّائك وأوليائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب,
فقال : هم كذلك يا موسى إلّا إني أردت مَن مِن أجله خلقت آدم وحوّاء ، ومَن مِن أجله خلقت الجنّة والنّار.
فقال موسى : يا ربّ ومَن هو يا ربّ؟.
قال : محمّد أحمد شققت إسمه من إسمي ، لأنّي أنا المحمود.
فقال موسى : يا ربّ اِجعلني من أُمّته.
قال : يا موسى ، أنت من أُمّته إذا أنت عرفته وعرفت منزلته ومنزلة أهل بيته (١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن النبيّ صلى الله عليه واله قال : إنّ موسى لمّا نزلت عليه التوراة وقرأها وجد فيها ذكر هذه الأُمّة فقال : يا ربّ إنّي أجد في الألواح أُمّة هم الآخرون السابقون فاجعلها أُمّتي. قال : تلك أُمّة أحمد.
قال : يا ربّ إنّي أجد في الألواح أُمّة أناجيلهم في صدورهم يقرؤونها ظاهراً فجعلها أُمّتي ، قال : تلك أُمّة أحمد.
__________________
١ ـ معاني الأخبار : ص ٥٤ ، ح ١.