وتفصيل هذه الرحمة من وجوه :
أحدها : أنّه الهادي إلى سبيل الرشاد ، والقائد إلى رضوان الله سبحانه ، وبسبب هدايته يكون وصول الخلق إلى المقاصد العالية ، ودخول جنّات النعيم التي هي غاية الرحمة.
الثاني : أنّ التكاليف الواردة على يديه أسهل التكاليف وأخفّها على الخلق بالنسبة إلى سائر التكاليف الواردة على أيدي الأنبياء السّابقين لاُممها. قال صلى الله عليه واله : «بعثت بالحنيفيّة السمحة السهلة» (١) وذلك عناية من الله تعالى ورحمة اختص بها أُمّته على يديه.
الثالث : أنّه ثبت أنّ الله يعفو عن عصاة أُمّته ويرحمهم بسبب شفاعته.
الرابع : أنّه سأل الله أن يرفع عن أُمّته بعده عذاب الإستيصال ، فأجاب الله دعوته ورفع العذاب رحمة.
الخامس : أنّ الله وضع في شرعه الرّخص تخفيفاً ورحمة لأُمّته.
السادس : أنّه صلى الله عليه واله رحم كثيراً من أعدائه كاليهود والنصارى والمجوس ، برفع السيف عنهم ، وبذل الأمان لهم ، وقبول الجزية منهم.
وقال صلى الله عليه واله : «من آذى ذمّياً فقد آذاني» (٢) ولم يقبل أحد من الأنبياء الجزية قبله.
السابع : إنّ الله تعالى أخّر عذاب من كذّبه إلى الموت ، أو القيامة كما قال الله تعالى : «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ» (٣) وكلّ نبيّ من
__________________
١ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ١ ، ص ٤٥١.
٢ ـ لم نعثر عليه. بل وجدنا قريباً منه وإليك نصه : «من آذى ذمّياً فأنا خصمه ، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة» الجامع الصغير : ج ٢ ، ص ١٥٨.
٣ ـ الأنفال : ٣٣.