جبريل سبعة ملائكة آخرون ، وذلك مروي عن عطاء وغيره من التابعين ، جاءت الرسل إبراهيم بالبشرى تبشره بالولد إسحاق لقوله تعالى هنا : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) وقوله : (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) [الذاريات ٥١ / ٢٨]. وقيل : البشرى بهلاك قوم لوط وسلامة لوط. قالوا : سلاما عليك ، قال : سلام عليكم ، وهذا أحسن مما حيوه لأن الرفع بقوله (سَلامٌ) يدل على الثبوت والدوام ، كما ذكر علماء البيان.
فما لبث أي فما أبطأ وذهب سريعا ، فأتاهم بالضيافة بعجل (وهو فتى البقر) مشوي على الرّضف (جمع رضفة) وهي الحجارة المحماة بالنار أو بالشمس ، كما قال تعالى : (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ ، فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ ، قالَ : أَلا تَأْكُلُونَ) [الذاريات ٥١ / ٢٦].
فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تمتد إلى الطعام ، أنكر ذلك منهم ، ووجد في نفسه خوفا وفزعا منهم ، إذ أدرك أنهم ليسوا بشرا ، وربما كانوا ملائكة عذاب.
قالوا له : لا تخف ، فنحن لا نريد سوءا بك ، وإنما أرسلنا لا هلاك قوم لوط ، وكانت ديارهم قريبة من دياره.
ونحن نبشرك بغلام عليم ، يحفظ نسلك ، ويبقي ذكرك ، وهو إسحاق ، ثم يعقوب من بعده وهو الذي من ذريته أنبياء بني إسرائيل.
وكانت امرأة إبراهيم قائمة وراء ستار بحيث ترى الملائكة ، أو كانت واقفة تخدم الملائكة ، فضحكت سرورا بزوال الخوف وتحقيق الأمن ، أو استبشارا بهلاك قوم لوط لكراهتها لأفعالهم المنكرة ، وغلظ كفرهم وعنادهم ، فجوزيت بالبشارة بالولد بعد الإياس : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) أي فبشرناها بولد هو إسحاق ، وسيلد لإسحاق ولد هو يعقوب كما في قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) [الأنعام ٦ / ٨٤]. وفسر مجاهد وعكرمة : (فَضَحِكَتْ) أي حاضت ، وكانت آيسة ، تحقيقا للبشارة.