من شدتها ورجفت ، فخروا ميتين. قال ابن عباس رضياللهعنهما : لم يعذب الله تعالى أمتين بعذاب واحد إلا قوم شعيب وقوم صالح ، فأما قوم صالح فأخذتهم الصيحة من تحتهم ، وقوم شعيب أخذتهم من فوقهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت قصة شعيب مع قومه على ما يأتي ، ومجملة : إيقاع العذاب بعد الإعراض عن رسالة السماء :
١ ـ اشتملت دعوة شعيب على جانبين : إصلاح العقيدة وإصلاح الحياة الاجتماعية ، ففي الجانب الأول : دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وفي الجانب الثاني : أمرهم بإيفاء الكيل والميزان وترك البخس والنقص أو التطفيف ، فإنهم كانوا مع كفرهم أهل بخس ونقص في حقوق الناس ؛ كانوا إذا جاءهم البائع بالطعام ، أخذوا بكيل زائد ، واستوفوا بغاية ما يقدرون عليه وظلموا ؛ وإن جاءهم مشتر للطعام باعوه بكيل ناقص ، وشحوا عليه بما يقدرون ، فأمروا بالإيمان إقلاعا عن الشرك ، وبالوفاء بالحق التام الكامل نهيا عن التطفيف ، علما بأنهم كانوا بخير وفي سعة من الرزق وكثرة النعم ، لكن الطمع والشره المادي أرادهم وجعل سمعتهم سيئة بين الناس.
٢ ـ كان عذاب أهل مدين عذاب استئصال في الدنيا ، ودمار عام ؛ لقوله تعالى : (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) وصف اليوم بالإحاطة ، أي الإحاطة بهم ، فإن يوم العذاب إذا أحاط بهم ، فقد أحاط العذاب بهم ، وهو كقولك : يوم شديد ؛ أي شديد حره. وقيل : هو عذاب النار في الآخرة. جاء في الحديث الذي رواه الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما أظهر قوم البخس في المكيال والميزان إلا ابتلاهم الله بالقحط والغلاء».