وعد الله في الآخرة ، والترهيب من عصيان الله والكفر به ، لئلا يكون الإنسان من الأشقياء الذين يصلون النار ، والترغيب بالإيمان وطاعة الله ليصير المؤمن الطائع مع السعداء الذين يتمتعون بالجنة.
التفسير والبيان :
إن في ذلك القصص المتقدم المتضمن إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين لدليلا واضحا وحجة قوية على صدق وعد الله في الآخرة ، لمن يؤمن بها ويخاف عذابها ، فيتقي الكفر والظلم والعصيان في الدنيا ؛ لأنه يعلم أن ما أخبر به الأنبياء من البعث والجزاء صدق لا شك فيه ، وأن من عذب الظالمين في الدنيا قادر أن يعذبهم في الآخرة ، وأن ما أصاب المجرمين في الدنيا ما هو إلا أنموذج لعذاب الآخرة.
قال الزمخشري : قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ) إشارة إلى ما قص الله من قصص الأمم الهالكة بذنوبهم وقوله : (لَآيَةً) أي لعبرة لمن خاف عذاب الآخرة ؛ لأنه ينظر إلى ما أحل الله بالمجرمين في الدنيا ، وما هو إلا أنموذج مما أعدّ لهم في الآخرة ، فإذا رأى عظمه وشدته ، اعتبر به عظم العذاب الموعود ، فيكون له عبرة وعظة ولطفا في زيادة التقوى والخشية من الله تعالى ، ونحوه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) [النازعات ٧٩ / ٢٦] (١).
ذلك اليوم يوم عذاب الآخرة يجمع فيه الناس جميعا أولهم عن آخرهم ، ليحاسبوا على أعمالهم ، ثم يجازوا عليها ، كقوله تعالى : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) [الكهف ١٨ / ٤٧] وذلك يوم مشهود ، أي عظيم تحضره الملائكة ، ويجتمع فيه الرسل ، وتحشر فيه الخلائق بأسرهم من الإنس والجن والطير والوحوش والدواب ، ويحكم فيه العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها.
__________________
(١) الكشاف : ٢ / ١١٥