٣ ـ السلطان المطلق في يوم القيامة لله عزوجل ، فلا يتكلم فيه أحد بحجة ولا شفاعة إلا بإذنه تعالى. قال قوم : ذلك اليوم طويل ، وله مواطن ومواقف ، في بعضها يمنعون من الكلام ، وفي بعضها يطلق لهم الكلام. وهذا يدل على أنه لا تتكلم نفس إلا بإذنه.
٤ ـ الناس يوم القيامة صنفان : شقي وسعيد ، الأشقياء في النار ، والسعداء في الجنة ، وكلاهما خالد مخلد فيما هم فيه ، من العذاب أو الثواب ، بمشيئة الله وإرادته.
وهذا الحكم من الله لا يتغير ولا يتبدل ، فمن حكم الله عليه بحكم ، وعلم منه عمله وأمره ، امتنع أن يصير بخلافه ، وإلا لزم أن يصير خبر الله تعالى كذبا ، وعلمه جهلا ، وذلك محال ، فثبت أن السعيد لا ينقلب شقيا ، وأن الشقي لا ينقلب سعيدا.
٥ ـ اتفق الجمهور الأعظم من الأمة على أن عذاب الكافر دائم ؛ لأن الخلود المذكور في الآية المرتبط بدوام السموات والأرض يقصد به الدوام ، على نحو تعبير العرب الذين يعبرون عن الدوام والأبد بقولهم : ما دامت السموات والأرض ، وقولهم : ما اختلف الليل والنهار ، وما طما البحر ، وما أقام الجبل. أو أن المراد سموات الآخرة وأرضها ، وفي الآخرة سماء وأرض ، بدليل قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ، وَالسَّماواتُ) [إبراهيم ١٤ / ٤٨] وقوله : (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) [الزمر ٣٦ / ٧٤] وأيضا لا بد لأهل الآخرة مما يقلهم ويظلهم ، وذلك هو الأرض والسموات.
٦ ـ قوله تعالى : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) يدل على أن خلود أهل النار فيها وخلود أهل الجنة فيها حاصل بمشيئة الله تعالى ، ولا يخرج شيء في الدنيا والآخرة عن المشيئة الإلهية ، والمراد بالآية الدلالة على الثبوت والاستمرار. واستدل الرازي