الإعراب :
(وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا ..) إن بالتشديد هو الأصل فيها ، و (كُلًّا) : اسمها المنصوب. ومن قرأ (إِنَ) بالتخفيف ، أعمل إن المخففة ، كما أعملها مشددة ، كما يعمل الفعل تاما ومخففا. وأما (لَمَّا) بالتشديد فهو مشكل ، إذ ليست هنا بمعنى الزمان ، ولا بمعنى إلا ، ولا بمعنى لم ، وقيل فيها بأوجه منها : أن الأصل فيها «لمن ما» ثم أدغم النون في الميم ، فاجتمع ثلاث ميمات ، فحذفت الميم المكسورة ، وتقديره : وإن كلا لمن خلق ليوفينهم. ومنها : أن تكون «ما» زائدة ، وتحذف إحدى الميمات ، وتقديره : لخلق ليوفينهم. ومن خفف الميم من «لما» جعل «ما» زائدة ، أتى بها ليفصل بين اللام التي في خبر (إِنَ) ولام القسم التي في (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ). وقال الزمخشري : (وَإِنَّ كُلًّا) التنوين عوض من المضاف إليه ، يعني وإن كلهم ، وإن جميع المختلفين فيه. و (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) جواب قسم محذوف واللام في (لَمَّا) موطئة للقسم ، وما : مزيدة للفصل ، والمعنى : وإن جميعهم والله ليوفينهم ، ولام (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) للتأكيد.
البلاغة :
(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) الكلمة هنا كناية عن القضاء والقدر.
المفردات اللغوية :
(الْكِتابَ) التوراة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) بالتصديق والتكذيب فآمن به قوم وكفر به قوم ، كما اختلف مشركو مكة في القرآن (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخير الحساب والجزاء للخلائق يوم القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) في الدنيا فيما اختلفوا فيه ، بإنزال ما يستحقه المبطل ، ليتميز به عن المحق (وَإِنَّهُمْ) وإن كفار مكة ، أو المكذبين بالتوراة (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) لفي شك في القرآن أو في التوراة ، موقع في الريبة.
(وَإِنَّ كُلًّا) إن بالتشديد والتخفيف ، أي وإن كل المختلفين ، المؤمنين منهم والكافرين ، والتنوين : بدل المضاف إليه (لَمَّا) ما : زائدة ، واللام موطئة لقسم محذوف مقدر ، واللام الثانية التي في (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) للتأكيد ، أو بالعكس ، وما : مزيدة للفصل بين اللامين. (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) أي جزاءها (إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) عالم ببواطن العمل كظواهره.
المناسبة :
بعد أن ذكّر الله تعالى مشركي مكة بمصير الأمم الهالكة لكفرهم ، ذكّرهم هنا