إلهامه الصواب فيها ، أو صدق الفراسة ، كما قال يوسف لأبيه : (هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ ، قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) [يوسف ١٢ / ١٠٠] وقال لصاحبي السجن : (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ، ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) [يوسف ١٢ / ٣٧]
(وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ...) أي بإرسالك والإيحاء إليك ، وعلى آل يعقوب ، أي أبيك وإخوتك وذريتهم ، وآل الإنسان : أهله ، وهو خاص بمن لهم مجد وشرف ، كآل النبيصلىاللهعليهوسلم.
(كَما أَتَمَّها ..) أي كإتمام تلك النعمة من قبل هذا الوقت على جدك إسحاق ، وجد أبيك إبراهيم ، وقدم إبراهيم ؛ لأنه الأشرف ، إن ربك عليم بخلقه وبمن يستحق الاجتباء والاصطفاء ، فهو أعلم حيث يجعل رسالته ، كما في آية أخرى ، حكيم في صنعه وتدبيره ، يفعل الأشياء على ما ينبغي.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يلي :
١ ـ رؤيا الأنبياء حق ، ورؤيا الصالحين جزء من النبوة ، والكواكب هي إخوة يوسف ، والشمس والقمر أبوه وأمه ، وهذا هو الأصح. قال الحكماء : إن الرؤيا الرديئة يظهر تعبيرها عن قريب ، والرؤيا الجيدة إنما يظهر تعبيرها بعد حين.
والرؤيا حالة شريفة ومنزلة رفيعة ، قال صلىاللهعليهوسلم فيما رواه البخاري عن أبي هريرة : «لم يبق بعدي من المبشّرات : الرؤيا الصالحة الصادقة ، يراها الرجل الصالح ، أو ترى له» وقال في رواية لحديث عند الشيخين عن أبي هريرة : «أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا» وحكم صلىاللهعليهوسلم فيما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري بأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، وهو أصح الروايات.
وإنما كانت الرؤيا جزءا من النبوة ؛ لأن فيها ما يعجز ويمتنع ، كالطيران ،